مجلس الشيوخ الأميركي أقر اليوم ميزانية وزارة الدفاع للعام القادم، وفي الميزانية يوجد بند يتعلق بتزويد المتمردين السوريين بالأسلحة المضادة للطائرات المعروفة باسم MANPADS.
هناك شروط صارمة لتزويد المتمردين بهذه الأسلحة. لا أظن أن أحدا في سورية يمكن أن يستوفي هذه الشروط سوى قسد، وقسد لا تحتاج أسلحة مضادة للطائرات لأن الطيران الأميركي يوفر لها غطاء جويا يغنيها عن هذه الأسلحة.
بالنسبة للمرتزقة السوريين الذين يحاربون مع الجيش التركي فهؤلاء لن يأخذوا هذه الأسلحة لأنهم لا يحتاجونها. فيما سيستخدمون هذه الأسلحة لو أخذوها؟ هل سيستخدمونها ضد ذيل الكلب مثلا؟ الأتراك حاليا هم ليسوا في مواجهة مع ذيل الكلب وإنما على العكس من ذلك: هم ينظرون إلى ذيل الكلب كحليف ضد قسد والأميركان.
بالنسبة لفصائل الموك في محافظة درعا فهذه يمكن نظريا أن تحصل على الأسلحة المضادة للطائرات إذا فرضنا أنها استوفت الشروط.
يجب الانتباه إلى أن كل هذه القضية ستوضع في يد دونالد ترمب، وهذا الرجل قال سلفا أنه لن يزود المتمردين السوريين بأسلحة. هو ذهب أبعد من ذلك وامتدح ذيل الكلب قائلا بأنه “ذكي”. هو قال أنه لا يريد إسقاط ذيل الكلب ويريد التعاون معه ومع بوتن ضد “داعش” (عندما تحدث عن التعاون مع ذيل الكلب والروس ضد “داعش” فلا بد أنه قصد المعنى الروسي لهذه الكلمة، أي معارضة الائتلاف).
الكلام الذي قاله ترمب بخصوص ذيل الكلب هو ليس بسيطا. أنا أظن أن ترمب هو معجب فعلا بذيل الكلب. الإعجاب بذيل الكلب هو ظاهرة عامة لدى العنصريين المعادين للإسلام، وترمب لم يخف عنصريته وعداوته للإسلام.
ترمب لن يتمكن على الأغلب من تطبيق كل أفكاره في الواقع، بمعنى أنه لن يتمكن من دعم ذيل الكلب والشد على يديه، ولكن هل سيزود ترمب ثوار الائتلاف بأسلحة مضادة للطائرات؟
أنا لا أستطيع أن أتنبأ بأي شيء حول سياسة ترمب، لأنها لن تكون سياسة مبدئية وإنما سياسة قائمة على الصفقات، وربما أيضا على تقلبات مزاج ترمب. نحن نلاحظ الآن أن ترمب يأخذ الكثير من المواقف بناء على مزاجه الشخصي وعواطفه. سياسته تشبه سياسة ذيل الكلب وأردوغان ونحو ذلك من طواغيت الدول المتخلفة. ولكن الأميركان طبعا لن يتركوه يتصرف على هواه.
لو كان ترمب صاحب مبدأ فهو سيتصرف ربما مثل أوباما، بمعنى أنه لن يدعم ذيل الكلب ولكنه أيضا لن يفعل شيئا ضده وسيحاول صرف الأنظار عن جرائمه باتجاه داعش وأمور أخرى. ولكن ترمب هو ليس صاحب مبدأ ومن الممكن أنه سيتأثر بأمور معينة ستجعله يتحرك ضد ذيل الكلب.
انتصارات الجيش العربي السوري في حلب تُفقد المبعوث الأممي دي مستورا عقله!
أ.د. محمد أشرف البيومي
أستاذ الكيمياء الفيزيائية بجامعة الاسكندرية وجامعة ولاية ميشجان (سابقا)
5 ديسمبر 2016
تعرفت علي ستيفان دي ميستورا في بغداد عام 1997 حيث كان المنسق العام لبرنامج النفط مقابل الغذاء التابع لهيئة الأمم المتحدة. كنت وقتئذ رئيس فريق الملاحظين الدوليين المكلف بتقييم كفاءة توزيع الغذاء وكفايته، ولا علاقة لذلك بملاحظي السلاح. منذ البداية أخذت انطباعا عن دي ميستورا بانه غير مهتم بما يدور من مآسي ومعاناة يومية لحوالي اثنين وعشرين مليونا من شعب العراق. كان كل همه هو اثبات أن الحكومة العراقية ورئيسها يتحايلون علي البرنامج. علي عكس ذلك تماما أثبت فريقنا بالوثائق أن لجنة العقوبات the Sanctions Committee (المكونة من أعضاء في مجلس الأمن وتحديدأ أحد الموظفين آلان فيلوزAllen Fellows) هي التي تعطل الشحنات الغذائية التي تشتريها الحكومة العراقية من أموال النفط التي سُمح ببيعها. كان المبلغ المسموح به 2 بليون دولار كل ستة أشهر وكان الثلث يذهب تعويضات أغلبه للكويت وجزء صغير لإسرائيل ويبقي 1.3 بليون دولار لكل حاجات شعب بأكمله منها 1.1 بليون دولار للغذاء.علما بأن ملايين العراقيين كانوا يعانون من تلوث المياة المتعمد بسبب منع استيراد المواد المطهرة، ومن نقص الآدوية والمعدات الطبية، ومن انتشار السرطان والتشوه الخلقي خصوصا في الجنوب بسبب استخدام قذائف اليورانيوم المنضب أثناء حرب الخليج عام 1991.
وذات مرة استدعاني دي ميستورا ليحذرني من معاقبتي الإدارية لموظفة سويدية تعمل معنا وذلك لمعاملتها السيئة للعراقيين مما يتناقض تماما مع تعليمات الأمم المتحدة الرسمية. وذكر لي كيف أنها تنتمي لعائلة أمراء سويديين وأن قراري سيؤدي لمشاكل لم يصفها. وبكل هدوء أكدت علي قراري المتناسق مع التعليمات الورقية علي الأقل. وع العلم بأن دي ميستورا سويدي ويحمل أيضا الجنسية الايطالية
رجال عظام وسيدات أبطال
ترك دي ميستورا بغداد وحل محله منسق عام جديد وهو دينيس هاليداي الأيرلاندي. ظننت في البداية أنه سيكون علي شاكلة دي ميستورا. كنت مخطئا تماما وكنت سعيدا بذلك فدينيس كان علي النقيض لدي ميستورا. كان نصب عينيه الوضع الانساني للعراقيين وكان مقتنعا بما هو واضح تماما بأن المبالغ المسموح بها غير كافية وحاول رفعها من 2 بليون دولارإلي خمسة بلايين. تعاونت معه في هذا الصدد رغم معارضة المسئولين في نيويورك الذين يعملون علي عقاب العراق وشعبه حتي لو كانت النتيجة وفاة المئات الآلوف منهم خصوصا من الأطفال.
وتبع دينس بعد ذلك هانز فون سبونيك الالماني الذي كان أيضا انحيازه هو الشعب العراقي. العراقي. استمر كل من هاليداي وفون سبونيك بعد ترك مناصبهم في نشاطهم المكثف لفضح جريمة الحصار علي العراق في الجامعات والبرلمانات الأوروبية وفي الكونجرس الأمريكي.
كما كانت هناك سيدات عظام مثل د.مني همام المصرية التي كانت تحتل منصبا هاما ببرنامج الغذاء العالمي والتي لعبت دورا هاما لضمان وصول الغذاء للمواطنين العراقيين. كما ساهمت في زيادة كمية البترول العراقي المسموح ببيعها لتخفيف العناء علي الشعب العراقي. وبعد ذلك عملت الدكتورة همام ببرنامج الانماء ببيروت حيث قامت بدور رائع في جهود إعادة اعمار جنوب لبنان بعد العدوان الصهيوني عام 2006. هذا الفعل الإنساني أثار غضب مسئولين كبار أمريكيين مثل جيفري فيلتمان Jeffrey Feltmanو جير بيديرسون Geir Pedersen في الأمم المتحدة و الذين عملوا علي إزاحة مني همام من لبنان حسب ماجاء في خطابات رسمية سربتها ويكي ليكس. علما بأن فيلتمان كان وقتئذ السفير الأمريكي في لبنان وكان يعمل وكأنه الحاكم الفعلي للبنان وبعدها عمل سكرتير مساعد لوزارة الخارجية الأمريكية وبعدها عمل ولا يزال يعمل سكرتيرا مساعدا في الUN كرئيس لقسم الشئون السياسية. نلاحظ التشابك الكبير بين مصالح السياسة الأمريكية وهيئة الأمم المتحدة!
دي ميستورا ُيبعث من جديد في سوريا
يظهر دي ميستورا مجددا في سوريا كمبعوث أممي وهو في الواقع مبعوث قُوي الهيمنة الغربية. يبدو في الحقيقة وكأنه ممثل يتقن دور الديبلوماسي الخطير بإيمائته المتكلفة ليوحي بأهمية منصبه وكأنه يقوم بمبادرات شخصية. في الواقع دي ميستورا شخصية هزلية وكأنه دُمية تابعة تحركها قوي الهيمنة. تزداد هزلية الشخصية في المرحلة الحالية للآزمة السورية فكلما تصاعدت انتصارات الدولة السورية في حلب اشتدت هزلية تصريحاته. فلنستعرض بعض تصريحات دي ميستورا الأخيرة:
في 6أكتوبرالماضي”يحث سوريا وروسيا بألا يدمروا حلب وأن التاريخ سيحكم عليهم إذا استغلوا وجود “الجهاديين” في حلب كمبرر لتدمير المدينة”. ويعلن “استعداده لمصاحبة مقاتلي النصرة إلي خارج حلب مع الحفاظ علي كرامتهم واسلحتهم”.
نلاحظ استخدامه صفة “الجهاديين” لإرهابي جبهة الناصرة المنتمية للقاعدة والتي صنفت دوليا منظمة إرهابية، وضمانه بالحفاظ علي “كرامتهم” ” dignity “.
في 15 نوفمبر “يحذر بأن انتصار كامل للأسد عسكريا بدلا من اتفاق سلام يجيء نتيجة مفاوضات سيترك سوريا وأوروبا معرضين لتجدد الإرهاب السني.”
لهذه الدرجة ينزعج دي ميستورا والجهات التابع لها من انتصار الجيش العربي السوري وحلفائه!
وفي مقابلة مع صحيفة الجارديان في 30 اكتوبر قال انه “مرعوب ويشعر بالصدمة بسبب القصف العشوائي الموجه نحو المدنيين في حلب…وأن ذلك قد يعتبر جريمة حرب.ويحذر ترامب بان سياسة نحو سوريا تركز فقط علي تدمير داعش عسكريا يحتمل أن تؤدي إلي تحالف مع الأسد رئيس سوريا وروسيا وستفشل لتحقيق تسوية دائمة”
.يتحدث دي مستورا عن “التراجيديا في حلب ” ويقول أنه كاد يفقد عقله كانسان”
I am more or less at my wit’s end as a human being” “جراء المعاناة في حلب وأجزاء أخري محاصرة في سوريا
لم نسمع دي ميستورا يعلن فقدان عقله عندما استخدام الإرهابيون غاز الخردل والكلور!، و عندما ذبح مجرمو داعش المئات وصوروا جرائمهم بالفيديو! ، أوعندما قصفت قوات التحالف الجنود السوريون وقتلوا العشرات منهم!.
وجاءت المفاجأة الكبري باقتراح دي ميستورا العجيب “بالسماح للإرهابيين في شرق حلب بحكم ذاتي في مقابل رحيل المقاتلين المتطرفين” ، والذي رفضته الدولة السورية رفضا قاطعا باسم وزير خارجيتها وليد المعلم لسبب منطقي لكونه”نيل من سيادتنا الوطنية”
لا يصح عتاب دي ميستورا فهو كأي شخصية تابعة يكون بمثابة “صوت سيده” في المنظومة الإمبريالية.
لا يأبه المقاتلون السوريون وحلفائهم الذين يدافعون عن الوطن السوري بهذه المقترحات الغريبة بل يواصلون انتصاراتهم فإلي لقاء قريب في حلب المحررة.