عملية “درع الفرات” دمرت معارضة الائتلاف ولم تلحق خسائر جدية بالأكراد

ما نراه على الأرض يدل على أن أردوغان ينتظر ضوءا أخضر من إيران لدخول مدينة الباب.

أردوغان -على ما يبدو- يظن أن استيلاء إيران على مدينة حلب سيجعل الإيرانيين يمنحنوه ضوءا أخضر لأخذ مدينة الباب.

ولكن الإيرانيين يقولون أنهم لن يمنحوه أبدا هذا الضوء الأخضر.

بالتالي من الوارد أن مدينة الباب ستذهب أيضا لإيران وذيل الكلب.

أردوغان سلم مدينة حلب لإيران وذيل الكلب دون أن يأخذ مدينة الباب، أي أنه سلم كل شيء لإيران وذيل الكلب. هذا هو ما حققته عملية “درع الفرات”.

عندما بدأت عملية “درع الفرات” قلنا أن التسمية الأنسب لها هي “درع ذيل الكلب وإيران”، لأن الهدف الواضح لتلك العملية كان منع وصول قسد والأميركان إلى مدينة حلب، وبالتالي تهيئة الظروف المناسبة لإيران وذيل الكلب حتى يدمروا مدينة حلب.

ثوار الائتلاف تجاهلوا ذلك وأصروا على تأييد عملية “درع الفرات” والاحتفال بها. هم زعموا أن هذه العملية “ستقضي على المشروع الكردي”.

أنا أدعو العقلاء للنظر إلى الوضع الموجود في سورية الآن ثم الإجابة على السؤال التالي: هل عملية “درع الفرات” دمرت المشروع الكردي أم أنها دمرت معارضة الائتلاف؟

الأكراد ما زالوا موجودين في كل المناطق التي كانت معهم قبل عملية درع الفرات. هم ما زالوا موجودين في منبج وكوباني وتل أبيض ورأس العين والقامشلي والحسكة. هم في الحقيقة توسعوا وسيطروا على مناطق إضافية غرب نهر الفرات بعد بدء عملية درع الفرات.

في الآونة الأخيرة حصل الأكراد على شحنات ضخمة من السلاح الأميركي وصلتهم في شاحنات من كردستان العراق. هذا تطور استراتيجي هام، لأنه يعني أن أميركا تطور علاقتها مع الأكراد وتنقلها إلى مستوى جديد. أميركا أسست مطارات جديدة في مناطق سيطرة الأكراد بعد بدء عملية درع الفرات.

التحالف الأميركي-الكردي هو الآن في أفضل أحواله، والأكراد الآن هم في عز لم يكونوا في مثله من قبل. كل هذا حصل بعد بدء عملية “درع الفرات” التي زعم ثوار الائتلاف أنها ستدمر الأكراد.

في المقابل أين هم ثوار الائتلاف الآن؟ هم يذهبون كلاجئين إلى حي الشيخ مقصود في حلب الذي يسيطر عليه الأكراد.

ثوار الائتلاف دمروا أنفسهم بأنفسهم. أميركا حاولت في البداية أن تتحالف معهم، ولكن أردوغان أفشل تلك المحاولات. بعد ذلك تحالفت أميركا مع الأكراد، وهذا التحالف الأميركي-الكردي أدى لتأسيس “قسد”، التي هي مظلة عسكرية تجمع الفصائل المتحالفة مع أميركا (سواء كردية أم غير كردية). أميركا طلبت من ثوار الائتلاف أن يتحالفوا مع قسد، ولكنهم رفضوا ذلك. هم رفضوا حتى أن يلزموا الحياد. هم اختاروا أن يدعموا المؤامرة التركية-الإيرانية ضد قسد، رغم أن الضحية الأولى لهذه المؤامرة هي ثوار الائتلاف أنفسهم.

قسد نجحت في طرد ذيل الكلب من مدينة الحسكة بفضل الدعم الجوي الأميركي، ونفس الأمر كان سيحصل في مدينة حلب لو أن ثوار الائتلاف تحالفوا مع قسد، أو على الأقل لو أنهم لزموا الحياد. ولكن ثوار الائتلاف أصروا على تسليم مدينة حلب لإيران وذيل الكلب.

لو تحالف ثوار الائتلاف مع قسد في محافظة حلب لكانوا طردوا ذيل الكلب من هناك بسهولة، لأن وجود ذيل الكلب في محافظة حلب هو أضعف من وجوده في الحسكة.

هذا الكلام صار الآن يدخل في إطار دراسة التاريخ. هو كان بالأمس القريب تحليلا للواقع المعاش، ولكنه الآن بات حديثا عن التاريخ.

ثوار الائتلاف أرسلوا أنفسهم إلى مزبلة التاريخ باختيارهم وإرادتهم.

الأكراد الآن هم في أفضل أحوالهم. الخاسر الحقيقي من التآمر والخيانة هو ليس الأكراد وإنما ثوار الائتلاف. هذا هو ما قلناه منذ البداية.

أردوغان يريد أيضا أن يسلم مدينة الرقة لإيران. هو دخل في مشكلة عظيمة مع الأميركان بسبب عملية تحرير الرقة. هو ظل لأشهر كثيرة يطالب الأميركان بتأجيل عملية تحرير الرقة، وفي النهاية أدرك الأميركان أنه يماطل ويخادع وأنه لا ينوي فعلا أن يحرر الرقة. لهذا السبب غضبوا منه وأعلنوا عن بدء عملية تحرير الرقة بمشاركة الأكراد ودون مشاركة تركيا، وأرسلوا شحنات كبيرة من السلاح إلى الأكراد رغم علمهم بأن هذا سيغضب أردوغان.

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s