عن سبب الصورة السيئة للسوريين في لبنان

كاتب هذا المقال يتحدث عما يقول أنه صورة سلبية للسوريين في لبنان، وهو يطرح تفسيرا للموضوع.

هو يقول باختصار ما يلي: اللبنانيون لديهم صورة سلبية عن عائلة الأسد والضباط السوريين الذين كانوا يتحكمون بلبنان، وهم يعممون هذه الصورة على كل السوريين.

في العمق هو يقول ما يلي: السوريون السيئون هم فقط العلويون، وأما العرب السنة فهم ممتازون ولا يستحقون النظرة السلبية.

الكلام الذي يقوله هو نفس الفكرة التقليدية التي نقرأها دائما في أدبيات معارضة الائتلاف. معارضو الائتلاف يقولون دائما أن سورية هي ممتازة دون العلويين. سورية هي أفضل بلد في العالم دون العلويين. سورية كانت قبل سيطرة العلويين أفضل بلد في العالم. سورية كانت أكثر تقدما من سويسرا، ولكن عندما سيطر العلويون على سورية انقلب كل شيء وصارت سورية أسوأ بلد في العالم.

العلويون شياطين ونحن ملائكة. كل شيء قبيح في سورية هو بسبب العلويين، وكل شيء جميل هو بسببنا.

هذه هي معارضة الائتلاف. هم لا يحملون فكرا حقيقيا. هم مجرد مجموعة من العنصريين المجانين.

أنا أؤكد للأخ كاتب المقال أن اللبنانيين يحترمون حافظ الأسد والعلويين أكثر من احترامهم لمعارضة الائتلاف. أظن أن هناك استطلاعات للرأي أظهرت ذلك.

هناك أسباب كثيرة تجعل اللبنانيين لا يحترمون السوريين، أهمها في رأيي هو ضعف المستوى التعليمي والثقافي في سورية مقارنة بلبنان. ليس كل السوريين هم جهلة، ولكن أكثرية السوريين هم بصراحة جهلة، وخاصة في مناطق سورية غير المفيدة. أنا عشت في حلب ولمست بنفسي تفشي الجهل والأمية في تلك المحافظة. حسب الإحصاءات الرسمية للدويلة الدمشقية البائدة فإن نصف سكان محافظة حلب تقريبا كانوا من الأميين. الإحصاءات الرسمية تجمل الواقع عادة. الواقع الحقيقي كان أسوأ مما قالته الإحصاءات الرسمية. حتى لو فرضنا أن نصف السكان كانوا غير أميين فأنا أجزم بأن قسما كبيرا من هذا النصف كانوا ِأشباه أميين.

عندما كنت في حلب فوجئت بعدم وجود متاجر حقيقية للكتب في تلك المحافظة التي يبلغ تعداد سكانها خمسة ملايين إنسان. من يريد الكتب في حلب كان عليه أن يطلبها من دمشق أو بيروت.

في حلب وشمال سورية لم يكن هناك إعلام حقيقي. وسيلة الإعلام الوحيدة في حلب وشمال سورية كانت ربما موقع “عكس السير”، الذي هو ليس وسيلة إعلام حقيقية وإنما عبارة عن موقع إلكتروني يديره هواة لا يعرفون الكثير حول الإعلام أو حتى حول اللغة العربية. تخيلوا أن مجتمعا يبلغ تعداده ملايين الناس كان يعيش دون وسائل إعلام. كيف في رأيكم هو المستوى الثقافي لهذا المجتمع؟

هناك مليون سبب يجعل السوريين يظهرون بصورة سيئة، ولكن كاتب المقال أعلاه لا يعرف أي سبب من هذه الأسباب. هو يعرف فقط ما يلي: العلويون هم سبب الصورة القبيحة للسوريين.

كثير من المتعلمين والمثقفين في لبنان يمقتون الطائفية ويؤيدون التوجهات التي تدعو للمساواة. هذا تراث قديم في لبنان يعود إلى القرن 19، وهو موجود بشكل خاص لدى المسيحيين (المسيحيون في لبنان يميلون إلى تأييد العلمانية وأفكار المساواة أكثر من المسلمين). نظام حافظ الأسد طرح نفسه أمام اللبنانيين بوصفه نظاما علمانيا يتبنى المساواة ويتسامى على الخلافات الدينية. صحيح أن نظام حافظ الأسد كان على عداوة مع مسيحيي لبنان، ولكن سبب العداوة لم يكن الإديولوجيا التي يتبناها حافظ الأسد. إديولوجيا حافظ الأسد القومية العلمانية هي ليست مكروهة من مسيحيي لبنان (أصل هذه الإديولوجيا يعود في الحقيقة إلى مسيحيي لبنان أنفسهم، لأن الأفكار القومية الحديثة وصلت إلى دمشق من لبنان في القرن 19).

مسيحيو لبنان بشكل عام يكرهون نظام حافظ الأسد، ولكنهم لا يكرهونه بسبب جانبه العلماني. على العكس من ذلك، هم ينظرون للجانب العلماني في نظام حافظ الأسد بوصفه الشيء الجيد الوحيد في النظام.

معارضة الائتلاف لا تفهم شيئا من هذه الأمور. معارضو الائتلاف يظنون أن مسيحيي لبنان يكرهون العلويين لمجرد كونهم علويين. هم يظنون أن موقف مسيحيي لبنان من العلويين هو مثل موقف معارضة الائتلاف نفسها.

مسيحيو لبنان المتعلمون لا يكرهون العلويين كطائفة دينية. هم لا يكرهون أية طائفة دينية. هؤلاء الناس يكرهون الطائفية، أي أنهم يكرهون فكر معارضة الائتلاف. هم يكرهون هذا الفكر أكثر من كراهيتهم لحافظ الأسد ونظامه.

بعض معارضي الائتلاف يظنون أن موقف مسيحيي لبنان منهم هو موقف ديني نابع من “حلف الأقليات”. هم يتخيلون وجود مؤامرة دينية عالمية ضد معارضة الائتلاف يشترك فيها النصارى مع اليهود مع النصيرية مع الرافضة مع الماسونية إلخ. كل هذه الأديان الشريرة تحالفت فيما بينهما للنيل من “أهل السنة” في سورية، لأن أهل السنة هم أفضل ناس ولذلك حسدتهم بقية الأديان.

الدنيا هي ليست كذلك. العالم لا يكرهكم بسبب دينكم ولكنه يكرهكم بسبب عنصريتكم المقيتة. أنتم تتفوهون بالعنصرية والطائفية ليلا ونهارا ولكنكم لا تدركون ذلك لأنكم اعتدتم عليه. أنتم اعتدتم منذ صغركم على الكلام الطائفي والتفكير الطائفي ولذلك أنتم لا تدركون مدى قبح كلامكم ومنطقكم.

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s