مدينة جربلس تشهد اضطرابات ومظاهرات مستمرة ضد الإدارة التركية للمدينة.
أنا لا أعلم تفاصيل ما يجري هناك، ولكن الناس هم مستائين من إدارة الأتراك للمدينة إلى درجة أنهم يخرجون في مظاهرات تطالب بانتخاب مجلس من أبناء المدينة لكي يدير شؤونها.
الأمر الملفت هو أننا لم نشهد أية اضطرابات مماثلة في مدينة منبج.
ماكينة الدعاية التركية زعمت أن الأكراد يقومون بتهجير العرب من مدنهم وأن التدخل التركي يهدف لمنع ذلك، ولكن ما نراه في الواقع هو العكس تماما. المدن العربية التي تسيطر عليها قسد هي هادئة ومستقرة، في حين أن سكان مدينة جرابلس هم منتفضون ضد الاحتلال التركي ويتهمونه بأنه يسعى لتتريك المدينة.
طبعا يجب أن نشير إلى أن الأميركان لهم دور كبير في الوضع الموجود في منبج. الأميركان فرضوا على الأكراد تأسيس مجلس محلي من أبناء مدينة منبج لإدارة شؤونها، وهذا حصل بالفعل. الأكراد تواصلوا مع عشائر منبج ووجهائها وكسبوا تأييدهم للمجلس الذي يحكم المدينة الآن.
ما فعله الأميركان والأكراد في منبج لم يحصل في جرابلس. الأتراك لم يستشيروا سكان منبج في مجلس الحكم الذي فرضوه على المدينة، ولهذا السبب نرى الآن اضطرابات ومظاهرات.
أنا لا أعلم تفاصيل ما يجري في جرابلس، ولكنني لا أستبعد أن يكون الأتراك قد شكلوا مجلسا لحكم مدينة جرابلس يحظى فيه التركمان بتمثيل مضخم يفوق حجمهم الواقعي. هذا أسلوب تركي كلاسيكي نعرفه جيدا من التاريخ. عندما تدخل الأتراك في لواء إسكندرون هم أسسوا في البداية حكومة يهيمن عليها التركمان (رغم أن نسبة التركمان في اللواء كانت أقل من نسبة العرب)، وبعد ذلك هذه الحكومة التي يهيمن عليها التركمان أجرت استفتاء في اللواء حول الانضمام لتركيا، ونتيجة الاستفتاء كانت الموافقة.
خلال فترة الاحتلال التركي للواء إسكندرون (قبل ضمه إلى تركيا) طرد الكثير من العرب والأرمن إلى خارج اللواء واستجلب أتراك من مناطق تركية داخلية ووطنوا في اللواء. نفس الأمر حصل في شمال قبرص (الأتراك كانوا أقلية في شمال قبرص قبل الغزو التركي).