أوباما هو مهتم كثيرا بصورته في التاريخ، ولكن لسوء حظه فإن التاريخ سيذكره على أنه الرئيس الديمقراطي الذي انهار في عهده الحزب الديمقراطي.
فوز ترمب في الانتخابات أشعل صراعا كبيرا في صفوف الحزب الديمقراطي. اليساريون بقيادة بيرني ساندرز يحاولون استغلال الظرف للاستيلاء على رئاسة الحزب. لو نجحوا في ذلك فهم سيحولون الحزب الديمقراطي إلى حزب اشتراكي رسمي.
الحزب الديمقراطي حاليا هو ليس حزبا اشتراكيا. هناك اشتراكيون ضمن جمهور الحزب، ولكن هؤلاء كانوا دائما تيارا هامشيا. هناك عدة عوامل تضافرت وأدت إلى تقوية هذا التيار الاشتراكي في الآونة الأخيرة. ما يلي بعض هذه العوامل:
1. غلبة الشعبوية والخطاب الديماغوجي الغوغائي على الانتخابات الأميركية الأخيرة (أبرز الشخصيات التي لمعت في هذه الانتخابات هما دونالد ترمب وبيرني ساندرز، وكلاهما ديماغوجيان).
2. فضائح ويكيليكس (في البداية ظهرت فضيحة ديبي وسرمان شولتز التي دفعتها للاستقالة من رئاسة الحزب، ثم بعد ذلك ظهرت فضيحة دونا برازيل، ثم ظهرت فضائح هيلاري كلينتون. هذه الفضائح الكثيرة شوهت صورة الجناح المعتدل في الحزب الديمقراطي).
3. فوز دونالد ترمب بالانتخابات (هيلاري كلينتون حصلت على أصوات شعبية أكثر من دونالد ترمب في الانتخابات، ولكن الاشتراكيين يتجاهلون ذلك ويصرون على وصف كلينتون وتيارها بأنهم فاشلون ويأنهم يجب أن يتحملوا مسؤولية خسارة الانتخابات).
محاولات الاشتراكيين للسيطرة على الحزب الديمقراطي هي قديمة جدا (لعل أقدمها يعود إلى أواخر القرن 19)، ولكن كل المحاولات السابقة باءت بالفشل. لو نظرنا إلى تاريخ الحزب الديمقراطي فسنرى أن ثورات الاشتراكيين ومحاولتهم السيطرة على الحزب كانت دائما ما تضعف الحزب وتؤدي إلى تهميش دوره في الحياة السياسية الأميركية.
الاشتراكية لا تصلح في أميركا لأن الجمهور الأميركي لا يقبلها. الشعب الأميركي هو محصن ثقافيا ضد الاشتراكية (وهذا على ما أعتقد هو سبب الحجم الهائل للاقتصاد الأميركي مقارنة باقتصادات الدول الأخرى). الاشتراكيون يحاولون استغلال ظاهرة بيرني ساندرز للقول بأن الاشتراكية باتت مقبولة شعبيا، ولكن هذا الكلام هو تضليل. الاشتراكيون يتناسون أن بيرني ساندرز خسر في الانتخابات الحزبية أمام هيلاري كلينتون، ويتناسون أن غالبية مؤيدي ساندرز في الانتخابات كانوا من حدثاء الأسنان سفهاء الأحلام. ليس صحيحا أن الاشتراكية باتت تحظى بشعبية في أميركا.
لو فرضنا أن الاشتراكيين نجحوا في الاستيلاء على رئاسة الحزب الديمقراطي فإن هذا لن يوصلهم إلى حكم أميركا. ما سيحصل هو أن الحزب الديمقراطي سينقسم على نفسه وسيغرق في صراعات داخلية. حتى لو تمكن الاشتراكيون من إحكام السيطرة على الحزب فهم سيفشلون فشلا ذريعا على الصعيد الوطني ولن يتمكنوا أبدا من الوصول إلى حكم أميركا. هذه القصة حصلت سابقا في التاريخ الأميركي.