وزير الدفاع الأميركي قال قبل أيام أن معركة تحرير الرقة ستبدأ “خلال الأسابيع القادمة”. ذلك الإعلان أثار ردود أفعال مستغربة في أميركا.
مسؤولو وزارة الدفاع الأميركية قالوا للإعلام الأميركي أن تحضيرات معركة الرقة ما تزال في المراحل التمهيدية، وهي بحاجة لأشهر حتى تكتمل.
رغم ذلك وزير الدفاع الأميركي كرر كلامه. هو مصر على القول بأن معركة الرقة ستبدأ قريبا، رغم أن الضباط العاملين تحت إمرته في وزارة الدفاع ينفون إمكانية ذلك.
بالأمس لافروف قال أن أميركا “أجلت معركة الرقة إلى أجل غير مسمى”. هذا تصريح غريب ويتناقض مع تصريحات وزير الدفاع الأميركي.
لا أعلم تماما ما الذي يجري، ولكن يبدو أن هناك لعبة دبلوماسية تجري الآن بين أميركا وروسيا حول معركة الرقة.
الروس بطبيعة الحال لا يريدون تحرير الرقة، مثلما أنهم لا يريدون تحرير الباب.
في الآونة الأخيرة سمعنا أخبارا عن تحرش الطيران الروسي بالطيران الأميركي في شمال سورية. هذه التحرشات الروسية تهدف فيما تهدف إليه إلى إعاقة تحرير الرقة وغيرها.
أنجع سلاح استخدمه الروس لإعاقة تحرير الرقة والباب هو أردوغان. الروس أدخلوا أردوغان إلى سورية واستفادوا منه لإعاقة تحرير الباب والرقة. الروس كانوا يريدون من أردوغان أن يجبر ثوار الائتلاف على وقف القتال ضد ذيل الكلب. بعد ذلك كان الروس سيدعمون الميليشيات الإيرانية لغزو الباب والرقة ودير الزور. هذه الخطة لم تنجح تماما لأن ثوار الائتلاف هم مصرون على مواصلة القتال ضد ذيل الكلب.
هل أردوغان يستطيع أن يجبر ثوار الائتلاف على وقف القتال ضد ذيل الكلب؟ هذا سؤال طرحته في الماضي عندما حللت فرص نجاح الصفقة الروسية-التركية.
الأميركان حاولوا في الماضي أن يقنعوا ثوار الائتلاف بمهادنة ذيل الكلب والتفرغ لمقاتلة داعش، ولكن تلك المساعي فشلت. الروس ظنوا أنهم سينجحون فيما فشل فيه الأميركان. هم ظنوا أن تركيا ستجبر ثوار الائتلاف على وقف القتال ضد ذيل الكلب، ولكن من الواضح أن هذا فشل.
بعدما أدرك الروس أن ثوار الائتلاف لن يعودوا إلى حضن ذيل الكلب هم قرروا سحب التفويض الذي منحوه لأردوغان في سورية. لهذا السبب أردوغان لم يعد قادرا على إرسال طيرانه إلى سورية، وهو لم يعد قادرا على التمدد نحو الباب أو غيرها. عملية “درع الفرات” انتهت عمليا.
بالتالي نحن عدنا مجددا إلى المرحلة التي كنا فيها قبل عملية درع الفرات.
طالما أن الحال كذلك فأنا لا أرى مانعا من أن يعود الأميركان وقسد إلى نفس خطتهم القديمة. من الممكن أن هدفهم الحقيقي في المرحلة المقبلة هو تحرير مدينة الباب. حديثهم عن تحرير الرقة قد يكون مجرد تمويه.
قبل عملية تحرير منبج أشاع الأميركان وقسد أن هدفهم هو تحرير الرقة، ولكن تبين لاحقا أن ذلك كان مجرد تمويه (ذيل الكلب وقع حينها في الفخ وأرسل حملة عسكرية نحو محافظة الرقة، وتعرفون كيف كانت نهاية تلك الحملة).
المتحدثون باسم قسد يقولون لصحيفة الأخبار أن هدفهم المقبل هو تحرير مدينة الرقة. لو كانوا بالفعل ينوون تحرير الرقة فلماذا ينشرون خططهم في صحيفة الأخبار؟ هم يعلمون أن الإيرانيين والروس لا يرحبون بذهاب قسد إلى الرقة أو إلى أية مدينة أخرى.
من الوارد أن قسد والأميركان يقومون الآن بحملة تمويه تمهيدا لتحرير مدينة الباب.