مصادر تركية تزعم أن بوتين وافق على تسليم محافظة حلب بكاملها لتركيا، وهذا هو سبب امتناعه عن التدخل في أحداث حلب الحالية.
هذا الكلام يبدو لي مجرد خيال جامح، وربما يكون تضليلا متعمدا لمعارضة الائتلاف، ولكن رغم ذلك يجب الانتباه إلى أن الموقف الروسي من الأحداث الحالية يختلف عن الموقف الإيراني. الروس لا يقولون شيئا ضد التدخل التركي في سورية رغم أن الإيرانيين هم غاضبون من التدخل وهم أوعزوا لذيل الكلب بالتصعيد ضد تركيا.
أنا أظن أن الموقف الروسي الحالي هو ليس نتيجة اتفاق مع تركيا ولكنه مجرد تسليم بالأمر الواقع. الروس تعبوا مما تفعله إيران في حلب، لأن الروس أنفسهم يتحملون تبعاته. حاليا هناك هبة دولية ضخمة ضد روسيا بسبب ما يجري في حلب، وأسوأ ما في الأمر هو أن النهاية لا تبدو قريبة في الأفق.
إيران تتحدث منذ عام 2012 عن “تحرير حلب”. منذ ذلك الوقت وحتى الآن ألقى ذيل الكلب كميات هائلة من القنابل والبراميل والصواريخ على المدينة (لا أظن أن هناك مدينة في العالم تعرضت لقصف كالقصف الذي تعرضت له حلب من ذيل الكلب. هو يغير على المدينة بلا توقف منذ 4 سنوات). هذا القصف البربري غير المسبوق في التاريخ حصل تحت شعار الاستيلاء على حلب، ولكن كل المراقبين يعلمون أن إيران لا تملك قوات كافية في سورية للسيطرة على حلب. رغم كل الحشود التي حشدتها إيران هي ما زالت عاجزة بالفعل عن السيطرة على المدينة.
شعار الاستيلاء على حلب الذي رفعته إيران هو مجرد خدعة وتمويه على الهدف الحقيقي لإيران. الهدف الحقيقي هو تدمير مدينة حلب وتفريغها من سكانها.
الروس (كغيرهم من دول العالم) كانوا يعلمون سلفا ما هي حقيقة المشروع الإيراني في حلب، ولهذا كان الروس يحاولون إعاقة هذا المشروع عبر فرض الهدن في حلب. إعلام ذيل الكلب كان يشيع أن الروس لا يرغبون في “تحرير حلب”، ولكن المسألة هي ليست كذلك. لو كانت إيران تستطيع أن تسيطر على حلب لما كان الروس أعاقوا ذلك، ولكن إيران جعلت من شعار السيطرة على حلب ستارا تغطي به مشروعا للتطهير العرقي. مدينة حلب كان فيها ملايين الناس قبل هجمات ذيل الكلب، والآن معظم سكانها باتوا مشردين في أصقاع الأرض ومعظم المدينة تحول إلى أنقاض.
ما تقوم به إيران في حلب يسيء أيضا إلى هيبة روسيا العسكرية. الإيرانيون وذيل الكلب أشاعوا أنهم سيستولون على المدينة قبل رحيل أوباما من السلطة في أميركا، ولكن الروس يدركون الآن أن هذا الهدف لن يتحقق، بالتالي سوف يكون هناك ضرر لسمعة روسيا بسبب دعاية إيران وذيل الكلب غير الواقعية. هذا ربما هو أهم سبب دفع الروس للنأي بأنفسهم عما يجري في حلب. هم لا يريدون أن يكونوا طرفا في هذه المعركة الفاشلة.
بالنسبة للفكرة التي يطرحها المقال التركي (وهي سيطرة تركيا على حلب بموافقة الروس) فأنا أؤيد هذه الفكرة بشرط مهم هو عدم الاعتراف بذيل الكلب أو التطبيع معه بأي شكل.
ذيل الكلب والإيرانيون كانوا يعلمون منذ عام 2012 أن مدينة حلب خرجت من أيديهم وهم سلموا بذلك منذ ذلك الوقت. كما شرحنا سابقا: ذيل الكلب انسحب من مدينة حلب في عام 2012 بشكل طوعي. هو سهل دخول ثوار الائتلاف إلى المدينة بشكل متعمد (لكي يجعل من ذلك مبررا لما فعله لاحقا). ذيل الكلب والإيرانيون هم ليسوا بالفعل طامعين في حلب. إذا أخذنا حلب منهم فهذا بحد ذاته لن يسوءهم بشيء، بل هم في الحقيقة سيحتفلون إذا أخذنا حلب منهم وتركناهم وشأنهم بعد ذلك.
إذا أخذنا حلب من ذيل الكلب وطبّعنا معه بعد ذلك فهذا سيكون انتصارا عظيما له. هو سيكون قد حقق أهدافه: دمر حلب واحتفظ بدمشق.