في المقال الأخير تساءلت عن سبب التبدل في الموقف الروسي من قضية تدمير حلب.
هناك على الأغلب عدة أسباب وراء الموقف الروسي (أحدها هو الضغوط الدولية الكبيرة)، ولكن ما جرى اليوم في حلب هو ربما أهم الأسباب.
ثوار الائتلاف شنوا هجوما على جنوب غرب حلب (هو الهجوم الذي حذر منه الروس سابقا). الهجوم حقق نجاحات كبيرة واستراتيجية. ثوار الائتلاف سيطروا على “ضاحية الأسد”، التي هي حي سكني مجاور للأكاديمية العسكرية تسكن فيه عائلات ضباط في جيش الدويلة الدمشقية السابق.
التجارب السابقة في حلب تدل على أن إخراج ثوار الائتلاف من هذا الحي سيكون مسألة صعبة جدا، وهو سيتطلب تدمير الحي، أي تدمير مساكن عائلات الضباط (التي هي أشد العائلات تأييدا لذيل الكلب في حلب).
الروس حذروا سابقا من هذا الهجوم، وهم زعموا أن المشاركين فيه يملكون أسلحة مضادة للطائرات. لا أعلم إن كان ثوار الائتلاف حصلوا بالفعل على أسلحة مضادة للطائرات (لا أظن أن هذا صحيح)، ولكن من الواضح أن الروس كانوا يعلمون أن الهجوم سينتهي إلى النتيجة التي انتهى إليها اليوم، وهذا على الأغلب هو سبب انسحابهم الاستباقي. هم أرادوا أن يحفظوا ماء وجههم.
الإعلام الروسي أذاع اليوم أن بوتين يرفض معاودة قصف حلب رغم طلب الجيش الروسي منه ذلك. هذا الخبر التهريجي هو جزء من محاولات حفظ ماء الوجه. الروس يحاولون أن يقولوا للرأي العام أن بوتين هو الذي قرر بإرادته الحرة ترك ثوار الائتلاف يقتحمون حلب من الجهة الجنوبية الغربية (لحكمة في نفسه لا يعلمها إلا هو)، وإلا فإن بوتين كان يستطيع صد هجوم الثوار لو أراد ذلك.
طبعا المسألة هي ليست كذلك. الروس ذعروا عندما رأوا تحضيرات الهجوم وعلموا أنه سينتهي بهزيمة تسيء إلى صورتهم. لهذا هم انسحبوا استباقيا. هذا نفس ما حصل سابقا في معارك خان طومان وخلصة والراموسة (كما شرحته في حينه).