دأب آل سعود على القول بأن إيران تحاول “تسييس الحج” وبأن هذا هو سبب الخلاف معها.
من يسمع هذا الكلام يظن أن آل سعود هم متسامحون جدا من الناحية الدينية وأن مشكلتهم مع إيران تنحصر بالسياسة.
طبعا هذا الكلام هو غير الواقع.
من المعروف لكل المسلمين أن آل سعود لا يسمحون لأحد أن يحج إلا على الطريقة الوهابية. في مدينة حلب أنا رأيت كثيرا من الناس الغاضبين على آل سعود بسبب هذه القضية. بعضهم أراد مثلا أن يدعو أو أن يصلي عند قبر الرسول ولكن مطاوعة آل سعود نهروه ومنعوه من ذلك.
الحجاج الشيعة يودون أن يزوروا قبور أئمتهم في بقيع المدينة، ولكن آل سعود يمنعونهم من ذلك.
أنا أعلم أن إيران تسيس قضية الحج، ولكن يجب الانتباه إلى أن مئات الحجاج الإيرانيين قتلوا في العام الماضي بسبب سوء إدارة آل سعود للحج. من الطبيعي أن إيران لن تسكت على مقتل المئات من حجاجها.
حسب ما قرأنا فإن إيران كانت مستعدة لطي الخلاف مع آل سعود في حال وافقوا على بعض الشروط، ولكن آل سعود رفضوا تلك الشروط بدعوى أنها تخالف “مقاصد الحج”. الأمر المهم هو أن تلك الشروط هي دينية وليست سياسية. الإيرانيون أرادوا السماح لحجاجهم بقراءة “دعاء كميل” وبتأدية طقس “إعلان البراءة”، ولكن آل سعود رفضوا ذلك.
هل السماح للحجاج الإيرانيين بزيارة قبور الأئمة وقراءة دعاء كميل والصراخ ضد أميركا وإسرائيل هو كارثة كبيرة؟ لا أظن أن عاقلا يقول ذلك. هذه أمور بسيطة ولكن آل سعود جعلوا منها سببا لأزمة مزمنة مع إيران.
أساس المشكلة هو أن آل سعود لا يسمحون للناس بالحج إلا وفق الضوابط الوهابية. بالتالي جذر هذا الخلاف هو مذهبي وليس سياسيا كما يزعم آل سعود.