خلال اليومين الأخيرين حصلت تطورات ضخمة خلطت الأوراق في سورية.
أردوغان تدخل عسكريا في سورية دون غطاء أميركي. هو استند إلى غطاء روسي. هو أكد ذلك في تصريحاته العلنية عندما قال أن الروس موافقون على تدخله وأنهم أعلموا حكومة ذيل الكلب بهذا التدخل.
الأميركان (كما كان متوقعا) سعوا لاحتواء التدخل التركي وتفريغه من مضمونه. أوباما عرض على أردوغان خلال قمة العشرين الصفقة التالية: أن تشارك تركيا في عملية تحرير الرقة مقابل أن تمتنع عن استهداف قسد.
أردوغان وافق على هذه الصفقة، وهذا يعني أن التدخل التركي في سورية بات منسقا مع أميركا. تركيا باتت تملك غطاء أميركيا ولم تعد بحاجة للغطاء الروسي. لهذا السبب بدأنا نشاهد تغيرا دراماتيكيا في التصريحات التركية. أردوغان أطلق اليوم تصريحا قويا ضد ذيل الكلب قال فيه أن تركيا ليست بحاجة لأخذ إذن من نظام قتل 600 ألف شخص من شعبه. هذا التصريح هو مهم لأنه يعني أن التدخل التركي في سورية لم يعد منسقا مع ذيل الكلب. هذا التدخل بات ضد ذيل الكلب.
إذا وصلت القوات التركية إلى مدينة الباب فهذا يعني أنها ستمسي قريبة جدا من مدينة حلب المحاصرة. إيران تخطط لتكرار سيناريو داريا في حلب، ما يعني أن حلب ستشهد كارثة إنسانية ضخمة. إذا وقعت تلك الكارثة فسيكون سهلا جدا على أردوغان أن يتدخل عسكريا لفك الحصار عن مدينة حلب. ذريعة “سيادة ذيل الكلب” ستمسي بلا قيمة آنذاك. الأميركان سيغطون تدخلا تركيا يهدف لفك الحصار عن حلب. لا أحد في العالم سيملك الجرأة على الاعتراض طالما أن الهدف هو وقف كارثة إنسانية ضخمة.
هذه التغيرات الدراماتيكية تضعف وضع الروس في سورية. لو كنت مكان الروس فإنني كنت سأفكر في تغطية هجوم لقسد نحو مدينة الباب بهدف عزل الجيش التركي عن قوات الاحتلال الإيراني في حلب.
ولكن قبل أن تقوم قسد بذلك يجب عليها أن تفكر في مستقبل العلاقة مع تركيا وأميركا. مصلحة قسد هي التوصل إلى تسوية مع تركيا والمحافظة على علاقة جيدة مع أميركا. إذا دخلت قسد في مشروع روسي يهدف لدعم الاحتلال الإيراني لحلب فإن الأميركيين لن ينظروا إلى ذلك بإعجاب. مثل هذا الأمر سيخرب العلاقة بين قسد وأميركا. أيضا سمعة قسد ستتشوه دوليا والمجتمع الدولي سينظر لها بوصفها جزءا من ميليشيات الاحتلال الإيراني. قسد ستمسي معتمدة بالكامل على الدعم الروسي.
لا توجد مصلحة لقسد في خسارة علاقتها مع أميركا. الأميركان نجحوا في حماية قسد من الغزو التركي. اليوم نحن نسمع لهجة مختلفة من تركيا تجاه قسد. الأميركان يحققون تقدما في تخفيف التوتر بين قسد وتركيا، وهذا يصب في مصلحة قسد أكثر من التصعيد والمواجهة مع تركيا. قسد يجب أن تظل في معسكر المعارضة لذيل الكلب ويجب ألا تورط نفسها بالانتقال إلى معسكر ذيل الكلب والاحتلال الإيراني.