كيف تؤثر “الدمشقية الفكرية” على بعض الكتاب وتجعلهم يكتبون أشياء مضحكة

في هذا المقال سوف أضرب مثالا أوضح فيه كيف تؤثر “الدمشقية الفكرية” على بعض الكتاب وتجعلهم يكتبون أشياء سخيفة ومضحكة.

قبل يومين حصل تطور مهم وغير مسبوق في أزمة ذيل الكلب، وهو أن طائرات أميركية حلقت فوق الحسكة وأجبرت طائرات ذيل الكلب على وقف قصف القوات الكردية هناك.

هذا التطور هو منعطف استراتيجي في أزمة ذيل الكلب. هو نقل الأزمة من مرحلة إلى مرحلة جديدة.

ليس من المستغرب أن ذيل الكلب أصدر بيانا يتعلق بهذا التطور المفصلي. ذلك البيان (مثل كل تصرفات ذيل الكلب) كان مجرد رد فعل ارتجالي عاطفي. بيان ذيل الكلب كان موجها بالكامل إلى الأميركان. هو كان أشبه بشكوى للأميركان. ذيل الكلب قال في بيانه أنه يحارب “الآساييش” التي هي “الجناح العسكري لحزب العمال الكردستاني”. من يعرف أي شيء عن الوضع في شمال سورية سوف يضحك من هذا الوصف. الآساييش (بأبجدية أتاتورك asayîş) هي كلمة كردية تعني “الأمن”. هذا هو اسم جهاز الشرطة التابع للإدارة الذاتية في سورية. الجناح العسكري لحزب العمال الكردستاني اسمه HPG (“قوات حماية الشعب”). القول بأن الآساييش هي الجناح العسكري لحزب العمال الكردستاني هو كلام مضحك. على الأغلب أن ذيل الكلب قام بتركيب هذه الجملة المضحكة بناء على قراءته للتصريحات الصادرة عن البنتاغون (وبناء على الرسائل الأميركية التي وصلته عبر الروس). متحدثو البنتاغون قالوا أنهم سيمنعون ذيل الكلب من استهداف قوات YPG، وقالوا أنهم سيمنعونه من استهداف “حلفائهم” و”شركائهم”. لهذا السبب ذيل الكلب تجنب الإشارة في بيانه إلى YPG أو إلى أي فصيل حليف أو شريك لأميركا. هو زعم أن المشكلة في الحسكة هي بينه وبين الجناح المسلح لحزب العمال الكردستاني لأن هذا الحزب هو مصنف كمنظمة إرهابية لدى أميركا وهو لا يمكن أن يكون مشمولا بمظلة الحماية الأميركية. بقية بيان الذيل الكلب كانت أشبه بمرافعة دفاعية حاول ذيل الكلب من خلالها أن يبرئ نفسه من افتعال المشكلة. هو أراد أن يقول للأميركان (والروس، والمجتمع الدولي) أن حلفاء أميركا هم سبب المشكلة، وبالتالي أميركا يجب ألا تضربه لأنه بريء.

هذه هي قصة بيان ذيل الكلب. هذا البيان نبع من حالة الذعر والهلع التي أصابت ذيل الكلب بعدما قررت أميركا التدخل في أحداث الحسكة لمصلحة الأكراد.

الأمر الغريب هو كيف حلل بعض الكتاب السوريين واللبنانيين ذلك البيان المثير للشفقة. هم تجاهلوا كليا الملابسات التي صدر فيها البيان وقفزوا إلى تحليلات خرندعية ربطت بين البيان وبين السياسة التركية. هم زعموا أن ذيل الكلب أصدر ذلك البيان بهدف ملاطفة الأتراك والتقرب منهم!

أغرب شيء في هذا التحليل الغبي هو تجاهله الكامل لأحداث الحسكة، التي هي السبب المباشر لصدور البيان، والتي هي من أهم الأحداث التي حصلت في سورية منذ اندلاع أزمة ذيل الكلب.

كيف يمكن لإنسان أن يخطئ في التحليل والفهم على هذا النحو؟

يبدو لي أن “الدمشقية الفكرية” لها دور في الموضوع. لنفرض أن أميركا فرضت حظرا جويا فوق دمشق، وأن ذيل الكلب أصدر بيانا بشأن ذلك، هل كان أولئك المحللون سيتجاهلون أحداث دمشق وسيبحثون عن قضايا بعيدة لتفسير بيان ذيل الكلب؟ الجواب هو لا. هم كانوا سيطبلون الدنيا بأحداث دمشق وسيجعلون منها محورا لعجلة التاريخ. ولكن بما أن نفس الأحداث حصلت في الحسكة فهم لا يعيرونها أية أهمية.

هم على ما يبدو لا يعلمون أن أميركا منعت ذيل الكلب من قصف الأكراد في الحسكة. هذه قضية بعيدة جدا. هي حصلت في نيكاراغوا وليس في سورية. بيان ذيل الكلب لم يصدر بسبب هذه القضية ولكنه كان رسالة موجهة لأردوغان.

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s