هناك أمور كثيرة تثير الاستغراب في القومية الدمشقية. أحد هذه الأمور هو ولع القوميين الدمشقيين بتسطير مقالات من قبيل المقال التالي:
لماذا يهتم القوميون الدمشقيون بأخبار القوى الدولية الكبرى وتوسع هذه القوى؟
القوميون الدمشقيون يجب أن يهتموا بأمور من حجمهم ومستواهم. هم يجب أن يهتموا بأخبار دمشق ودوما وداريا والمعضمية، وإذا أرادوا توسيع أفقهم فيمكنهم أن يتحدثوا عن لبنان والأردن. أما حديثهم عن قضايا جيوسياسية دولية فهذا أمر عجيب.
أنا لا أذكر أنهم كانوا يسطرون مثل هذه المقالات قبل حرب ذيل الكلب. هم لم ينتبهوا إلى العالم والقوى الدولية إلا بعد اندلاع حرب ذيل الكلب وبعد التدويل الذي حصل لقضية ذيل الكلب.
ما أتفه هؤلاء الناس. في الماضي كانوا لا يعرفون شيئا من العالم سوى دمشق وريفها، والآن فجأة صار لهم أفق عالمي وصاروا يحدثوننا عن الصين وروسيا والبريكس. هذا التوسع الفكري المفاجئ الذي أصابهم هو نابع حصرا من قضية ذيل الكلب. بعد انتهاء هذه القضية سوف يعودون مجددا للالتهاء بدمشق وريفها ولن يروا شيئا من العالم سوى دمشق وريفها.
هم ناس جهلة تافهون. القومية الدمشقية هي من أتفه وأسوأ الحركات القومية في التاريخ. القومية المارونية (التي تحولت إلى قومية لبنانية) أفادت العالم العربي من حيث نشر الثقافة الأوروبية، ولكن القومية الدمشقية لم تقدم أية فائدة للعالم العربي. كل ما قدمته هذه الحركة للعرب كان سلسلة من الكوارث التي لم يعرفوا لها مثيلا في تاريخهم (التقسيم، الاستعمار، تأسيس إسرائيل، الفقر، الجهل، التخلف، ثم في النهاية تهديم المدن السورية وتشريد السوريين).
القومية الدمشقية بحد ذاتها ما كانت تستطيع أن تسبب كل هذه الكوارث لو أن السوريين عملوا منذ البداية على عزلها وتحجيمها. الكارثة الحقيقية في التاريخ العربي هي ليست ظهور القومية الدمشقية بحد ذاته وإنما أن هذا الفكر المدمر حصل على سلطة وتمكن من السيطرة على بلاد تقع في قلب العالم العربي وبجوار فلسطين.