فرصة تاريخية كبيرة أمام الأكراد السوريين تضيع بسبب الاشتراكية الجاهلة… وعن ضرورة تأسيس حكومة ديمقراطية في منبج

مقال محزن، ولكن الكلام المكتوب فيه هو متوقع.

الأنظمة الاشتراكية الشمولية تنتهي دائما إلى نفس النتيجة، التي هي النتيجة الموصوفة في المقال.

الأكراد في سورية قفزوا قفزة نوعية وحققوا أمورا لم يحققها غيرهم، ولكنهم للأسف سيخسرون الكثير بسبب النهج الاشتراكي الفاشل الذي ابتلاهم به حزب PYD.

كان بإمكان الأكراد أن يؤسسوا حكومة طبيعية على غرار الحكومات الموجودة في الدول المتقدمة. لو فعلوا ذلك لكان وضعهم أفضل بمليون مرة من وضعهم الحالي. ولكنهم  للأسف أسسوا حكومة ستالينية بعثية بلا أفق.

أنا لا أتوقع من حزب PYD أن يتخلى عن عقيدته الشيوعية، ولكنني آمل من المكونات الأخرى في تحالف سوريا الديمقراطية أن تؤسس حكومة طبيعية بعيدة عن الاشتراكية والشمولية.

حزب PYD قال أنه سيترك لأبناء منبج حرية حكم أنفسهم. أبناء منبج (خاصة المتعلمين والمثقفين منهم) يجب أن يستغلوا هذا الكلام ويجب أن يضغطوا لأجل تأسيس حكومة طبيعية تقوم على أساس الديمقراطية والمساواة واحترام حقوق الإنسان، كما في الدول المتقدمة.

طبعا الكلام هو أسهل بكثير من الفعل. الوضع في منبج هو مأساوي وكارثي. الحديث عن تأسيس حكومة ديمقراطية في منبج هو تفاؤل كبير. رغم ذلك يجب على أهل منبج أن يسعوا لذلك لأن هذا هو الطريق الوحيد أمامهم.

أهل منبج يجب أن يأخذوا العبرة من تجاربهم السابقة الكارثية. إذا لم تؤسسوا حكومة فسوف تسود الفوضى وسوف تقوم جهات غير ديمقراطية بملأ الفراغ السياسي في المدينة. تأسيس حكومة ديمقراطية هو أمر ضروري لمنع الفوضى ولمنع اختطاف الأشرار للسلطة.

إذا نجح تأسيس حكومة ديمقراطية في منبج فهذه الحكومة يمكن أن تتمدد لاحقا وتحكم مناطق أخرى (الباب وتل رفعت والرقة إلخ).

طبعا هذه الحكومة لن تنجح إلا إذا كانت على وفاق مع الأكراد. كثيرون سوف يدفعون أهل منبج للصدام مع الأكراد (خاصة الائتلاف وتركيا وذيل الكلب)، ولكنني آمل أن أهل منبج سيكونون عقلاء وسيتجنبون الوقوع في هذا الخطأ الكارثي. آخر ما ينقص منبج هو الدخول في حرب جديدة ضد الأكراد. الأكراد سوف يظلون موجودين في سورية ولا توجد فائدة من محاربتهم. لا بد من التفاهم معهم.

حزب PYD تعهد بأنه سيترك لأهل منبج حرية حكم أنفسهم. هذا التعهد هو المدخل الذي يجب أن يستغله أهل منبج لتأسيس حكومة ديمقراطية.

القوات الكردية حررت منبج من داعش وهي بطبيعة الحال ستظل موجودة في منبج. لا توجد مصلحة لأهل منبج في مطالبة القوات الكردية بمغادرة منبج. مثل هذا المطلب سيكون مدخلا إلى صدام ونزاع بين أهل منبج والأكراد.

هزيمة داعش في منبج لا تعني بالضرورة هزيمة التطرف في المدينة. هناك تيارات متطرفة أخرى سوف تستغل زوال داعش وسوف تسعى لملأ الفراغ، وأعنى تحديدا مناصري الائتلاف (الذين احتفلوا اليوم بذكرى بطلهم إبراهيم اليوسف صاحب المجزرة الطائفية في عام 1979). من الوارد أيضا أن ذيل الكلب سيسعى لتحريك بعض السفلة والحثالات بهدف تخريب الوضع في المدينة. بقاء القوات الكردية في منبج هو ضروري لمنع مثل هذه السيناريوهات. لا أظن أن أهل منبج أرادوا التخلص من داعش لكي يقعوا في حضن الائتلاف أو لكي يعودوا إلى حضن ذيل الكلب.

لو كنت من أهل منبج لكنت ربما طالبت القوات الكردية بالانسحاب إلى خارج المدينة والتمركز في قواعد عسكرية تقع في محيط المدينة، ولكنني ما كنت سأطالبهم بمغادرة المنطقة بأكملها. هذا مطلب غير منطقي في المرحلة الحالية.

بدلا من اختراع المشاكل مع الأكراد أو غيرهم يجب على أهل منبج أن يركزوا على تأسيس حكومة ديمقراطية ويجب أن يسعوا للمساهمة في حل الأزمة السورية بدلا من زيادتها تعقيدا. المساهمة في الحل تكون بتهدئة النزاعات والصراعات والسعي لتأسيس حكومة عامة لسورية تملأ الفراغ السياسي الموجود حاليا.

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s