مجددا عن الاعتداء على الأطفال وعلاقته بالإرهاب

خبر يتعلق باعتداء على أطفال.

أهم ما في الخبر هو إهمال شرطة آل سعود لهذه الجناية رغم تلقيهم عدة بلاغات من الأطفال ومن والدهم. هذا شيء معتاد في العالم العربي. الحكومات والناس لا يتعاملون مع مثل هذه القضايا بجدية. بعضهم يشك في كونها جرائم من الأساس.

هل يستطيع محمد بن نايف (بوصفه مسؤولا عن الشرطة) أن يخرج لنا إحصائية حول عدد الأشخاص الذين اعتقلوا في العام الماضي بتهمة الاعتداء على أطفال؟ لو أنه أخرج أرقاما فسيتبين أن عدد من اعتقلوا هو ضئيل جدا ولا يذكر.

جرائم الاعتداء على الأطفال هي شائعة في الدول المتقدمة. بما أن المجتمعات العربية هي أعنف بكثير من المجتمعات المتقدمة فلا بد أن مثل هذه الجرائم هي أشيع بكثير في العالم العربي، ولكن المفارقة هي أن من يرتكبون هذه الجرائم في العالم العربي نادرا ما يلاحقون قانونيا.

لب المشكلة في العالم العربي هو الثقافة البالية التي تبرر العدوان على الأطفال بحجة التربية أو حق الوالدين. من يعتدي على طفل (أو على امرأة) يحرص على إفهام ضحيته بأنه يحبها وبأنه يعتدي عليها لمصلحتها. هو بذلك يحاول إخفاء الجريمة. المشكلة في العالم العربي هي أن ثقافة المجتمع تتطابق مع الكلام الذي يقوله الجاني لضحيته. الطفل الذي يتعرض للتعذيب على يد والديه يتعلم في المدرسة أن والديه يحبانه وأنهما لا يمكن أن يفعلا أي شيء إلا لمصلحته، أي أن الكلام الذي يتعلمه في المدرسة هو نفس الكلام الذي يسمعه من والديه اللذين يعذبانه. بالتالي هو يتقبل التعذيب على أساس أنه شيء طبيعي ولمصلحته. النتيجة هي أنه يصاب باختلال نفسي، وعندما يكبر فإنه يسعى للانتقام من المجتمع. لذلك تجده يقوم بتصرفات شاذة وغير سوية. أنا أزعم أن كثيرا من الدواعش والقاعديين نشؤوا بهذه الطريقة. من يحرق الناس في قفص هو على الأغلب ينتقم من والديه ومن بيئته التي عذبته في صغره.

من يريد أن يكافح الإرهاب يجب أن يتعامل بجدية مع هذه القضية الخطيرة. لا بد أولا من توعية الناس وإفهامهم بوجود جريمة تسمى الاعتداء على الأطفال child abuse. هذه الجريمة هي شائعة وليست نادرة. هذه الجريمة هي ليست تربية وإنما شيء متناقض مع التربية. من يرتكب هذه الجريمة يجب أن يحاسب قانونيا. الناس يجب أن يفهموا هذا الأمر. ليس من المعقول أن غالبية الناس في العالم العربي لا يعلمون أساسا بوجود هذه الجريمة ويعتقدون أنها تربية وأنها من حق الوالدين.

يجب أيضا تأسيس هيئات متخصصة بملاحقة هذا النوع من الجرائم. يجب إلزام الأطباء الذين يعملون في أقسام الإسعاف بالتبليغ عن كل حالة يشتبه في أنها اعتداء على طفل.

حبذا لو يلتفت أعضاء مجلس الشورى في مملكة آل سعود إلى هذه القضية الخطيرة. هذه القضية هي أهم من معظم القضايا التي يضيعون وقتهم في مناقشتها. يجب عليهم أن يؤسسوا هيئة متخصصة بمكافحة العنف الأسري. إحدى وظائف الهيئة يجب أن تكون توعية المجتمع.

ليس صحيحا أن الوالدين هما كائنان مثاليان يبحثان دائما عن مصلحة أبنائهما. الوالدان هما مجرد إنسانين عاديين. هما يخطئان ويصيبان. بعض الآباء يتفانون في تربية أبنائهم، وبعض الآباء لا يهتمون كثيرا بتربية أبنائهم، وبعض الآباء يجرمون بحق أبنائهم. عندما نضع كل الآباء في سلة واحدة ولا نميز بين الأب الجيد والأب غير الجيد فنحن بذلك نظلم الآباء الجيدين، ونمنح الآباء غير الجيدين تكريما لا يستحقونه، والأخطر من كل شيء هو أننا نعمّي على جرائم العدوان على الأطفال.

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s