قرأت هذا المقال وفهمت معظمه (وإن كنت لم أقتنع بكل ما فهمته)، ثم وصلت إلى الفقرة الأخيرة التي لم أفهم منها شيئا:
المفارقة أن دول المشرق تغرق في التفتت والبحث عن زعامات خارج حدودها في زمن صعود الهويات الوطنية الحادة في العالم على تنوع مصادرها وأفكارها. من أميركا دونالد ترامب، إلى بريطانيا الخروج من الاتحاد الأوروبي وصعود الأحزاب القومية في أوروبا، إلى منطقتنا التي تشهد تطور هويات وطنية أكثر صلابة (السعودية والإمارات نموذجين). قد يكون لبنان المكان الأخير لاحتمال ولادة شيء شبيه، يُصدر لاحقًا إلى بقية المشرق! لكن هذا يتطلب أمرين: إقلاع اللبنانيين عن وهم الصراع بين علمي إيران وتركيا، والعودة إلى العلم اللبناني وحيدًا، متحالفًا مع نظام المصلحة العربية.
الجملة الأولى تقول: “دول المشرق تغرق في التفتت والبحث عن زعامات خارج حدودها”.
التحليل المنطقي لهذه الجملة يقول أنها مكونة من جملتين معطوفتين على بعضهما:
1. دول المشرق تغرق في التفتت.
2. دول المشرق تغرق في البحث عن زعامات خارج حدودها.
هاتان الجملتان المتناقضتان في المعنى هما مجموعتان بأداة العطف “و”. النتيجة هي جملة متناقضة منطقيا وعديمة المعنى.
الجملة الأولى تتحدث عن تفتت الدول. تفتت دولة ما يعني أن هذه الدولة ستنقسم إلى دول أو كيانات أصغر. الجملة الثانية تتحدث عن “البحث عن زعامة خارج الحدود”، وهو ما يعني أن شعب الدولة سيطلب الانضمام إلى دولة أخرى (أكبر على الأغلب). الجملة الأولى تعني إنتاج المزيد من الدول الصغيرة التي لم تكن موجودة سابقا (على غرار الكيان الدمشقي والكيان الصهيوني والكيان اللبناني ونحو ذلك من الكيانات التي تأسست في ظل الاستعمار)، والجملة الثانية تعني تقليل عدد الدول عبر ضم بعضها إلى أخرى. الجملتان تتحدثان عن شيئين متناقضين، ولكن الكاتب خبصهما سوية في جملة واحدة على نحو عجيب.
بعد ذلك هو يشير إلى تنامي النزعات العنصرية الانعزالية في دول الغرب، بدليل أنه ذكر دونالد ترامب وانفصال بريطانيا عن أوروبا. المفترض أنه أشار إلى هذه الأمور لكي يضرب مثلا لخطورة التوجهات العنصرية الانعزالية (بدليل أنه بدأ كلامه بالتحذير من “تفتت الدول”)، ولكن بقية كلامه تظهر العكس. هو يقول أن لبنان “قد يكون المكان الأخير لاحتمال ولادة شيء شبيه يُصدر لاحقًا إلى بقية المشرق”. هو يقصد أن لبنان قد يكون المكان الأخير لاحتمال ولادة فكر عنصري انعزالي يصدر إلى بقية المشرق. ما يؤكد ذلك هو شرحه عندما يقول أن اللبنانيين يجب ألا يلتفتوا لأي علم سوى العلم اللبناني. هو يؤيد الانعزالية وليس الفكر الاتحادي.
كلامه هو عبارة عن خبيصة فكرية خالية من أي معنى. السبب الذي دفعه لكتابة هذا التخبيص هو أنه لا يستطيع أن يصرح بحقيقة أفكاره. هذا الرجل (كما يبدو) ينتمي إلى مدرسة “المارونية السياسية”، التي هي صنو الدمشقية السياسية. المارونية السياسية هي تاريخيا الأساس الذي تفرعت منه الدمشقية السياسية (النزعة الانفصالية في المشرق العربي ظهرت لأول مرة في جبل لبنان في القرن 19، ومن هناك هي امتدت نحو دمشق).
هذا الرجل هو صاحب فكر انفصالي، ولكنه لا يستطيع أن يصرح بهذا الفكر. لهذا السبب هو يكتب كلاما مشفرا متناقضا لا يفهم المرء منه شيئا. ما يثير دهشتك هو أن مثل هذا الكلام الخالي من المعنى ينشر في صحيفة مشهورة.
حال الكاتب كحال شكري القوتلي وأمثاله من الانفصاليين الدمشقيين الذين كانوا يتحدثون عن العروبة ومقارعة الاستعمار بينما كانوا يقسمون العالم العربي ويؤسسون إسرائيل.
أنا لا أقصد الإساءة لشخص كاتب المقال المشار إليه. أنا استمعت لبعض حلقات برنامجه التلفزيوني ولفتني تعاطفه مع السوريين. هو لم يبد لي شخصا عنصريا. أنا فقط أناقش كلامه المقتبس في الأعلى. هذا الكلام لا يعبر عن ثقافته الشخصية بقدر ما أنه يعبر عن ثقافة سياسية شائعة في لبنان (أغلب السوريين في زماننا يحملون فكر القومية الدمشقية. هذا لا يعني أن كل حملة هذا الفكر هم أشخاص سيئون. هم فقط يحملون ثقافة المجتمع الذي نشؤوا فيه. نفس الأمر ينطبق على الإسرائيليين. ليس من الضروري أن كل إسرائيلي هو شخص سيء. الثقافة السياسية للمجتمع هي سيئة ولكن الأفراد هم ليسوا جميعا سيئين).
الأستاذ قطيش يتمنى أن تتفتت سوريا
فتطلب حلب وإدلب الانضمام إلى تركيا
وتطلب القامشلي وعين العرب الانضمام إلى كردستان العراق
وتطلب درعا الانضمام إلى الإردن…
وبما أنه يريد للبنان قطعة من الكعكة فهو يعطي نصائح إلى اللبنانيين لعل حمص وطرطوس تطلب الانضمام إلى لبنان…
يا أخ موشي يعالون
هؤلاء الأشخاص لهم علاقات مع بعض القيادات… فيسمع منهم شيء ويبدأ بالكتابة والبناء على ما سمع…
كل ما سيحصل في المنطقة هو بيد الروس والأمريكان… وغير هيك لا تصدق حدا..
إسأل أحبابك في ديبكا…