صفقة أردوغان مع إيران: ذيل الكلب مقابل الأكراد

مزيد من الكلام عن التغير في الموقف التركي من ذيل الكلب.

أنا توقعت خلال الأسابيع الماضية أن يحصل هذا التغير في الموقف التركي. توقعي لم يكن مبنيا على معلومات استخبارية وإنما على فهمي للسياسة التركية. كما وضحت في الماضي: أردوغان يعتبر الأكراد عدوه الأول في سورية. أنا توصلت إلى هذا الاستنتاج من تحليلي لسلوك أردوغان العام خلال مسار الأزمة السورية. أردوغان أعاق تأسيس حكومة بديلة لذيل الكلب داخل سورية ونشر الفوضى ودعم الجماعات الجهادية المتطرفة. هذه التصرفات لا يمكن أن تصدر من شخص يعتبر إسقاط ذيل الكلب هدفه الأول. من قام بهذه التصرفات لم يكن مهتما بإسقاط ذيل الكلب ولكنه كان مهتما بالنيل من الأكراد.

سوف أخبركم بما سيفعله أردوغان في الفترة القادمة: هو سيحاول أن يحشد كل القوى السورية ضد الأكراد. هو سيضغط على أعضاء الائتلاف وسيرغمهم على العودة إلى حضن ذيل الكلب بحجة “المرحلة الانتقالية” ونحو ذلك من الترهات. في مقابل هذا الصنيع هو سينتظر من إيران أن ترد له الجميل بشن حرب على الأكراد.

هو يعتبر أعضاء الائتلاف ورقة في يده. هو سيتنازل عن هذه الورقة لإيران، وفي مقابل ذلك يجب على إيران وذيل الكلب أن يحاربوا الأكراد. هذه هي الصفقة التي يسعى إليها.

السؤال هو: هل سيتمكن أردوغان من إقناع المتمردين والمعارضين داخل سورية بالعودة إلى حضن ذين الكلب مع الائتلاف؟

لن يكون من السهل عليه أن يعيدهم إلى حضن ذيل الكلب بشكل رسمي وصريح. أنا أظن أنه سيلجأ للخداع والتلاعب. هو سيستمر في إظهار العداء الكلامي لذيل الكلب، ولكنه سيرغم المتمردين التابعين للائتلاف على التوقف عن مقاتلة ذيل الكلب ومقاتلة الأكراد بدلا من ذلك.

الحجة التي سيستخدمها هي التسوية السياسية الخرندعية. أنا لا أعلم تفاصيل التسوية التي سيعقدها مع إيران، ولكن التفاصيل هي غير مهمة. كل ما سيرد في التسوية حول المرحلة الانتقالية ونحو ذلك سيكون مجرد هراء. هذه التسوية ستكون مجرد حجة لوقف القتال ضد ذيل الكلب وتوجيهه نحو الأكراد.

أردوغان هيأ الأرضية السياسية والإعلامية للحرب ضد الأكراد السوريين منذ زمن طويل. عندما بدأت المخابرات التركية بترويج مقولات “التطهير العرقي” ونحو ذلك أنا كتبت في هذه المدونة أن ذلك الكلام هو تمهيد لحرب سيشنها الائتلاف ضد الأكراد في المستقبل. وقت هذه الحرب يحين الآن. أردوغان سيصدر أوامره قريبا للائتلاف بوقف الحرب ضد ذيل الكلب والتركيز على محاربة الأكراد. في نفس الوقت إيران وذيل الكلب يجب أيضا أن يحاربوا الأكراد في إطار الصفقة مع أردوغان.

على كل حال، أنا أشك في نجاح مؤامرة أردوغان ضد الأكراد. لو نجحت مؤامرته فهذه ستكون فضيحة تاريخية كبيرة ومن العيار النادر. الأكراد خسروا الكثير في الحرب ضد الإرهاب (هم الآن يقدمون تضحيات كبيرة لتحرير منبج)، في حين أن أردوغان لم يفعل شيئا في سورية سوى رعاية الإرهاب. المجتمع الدولي شاهد ما جرى وفهمه.

قضية الأكراد في سورية هي ليست مجرد قضية أخلاقية ولكنها قضية مرتبطة بشكل مباشر بالأمن الدولي. الأكراد ما زالوا حتى الآن الجهة الوحيدة في شمال سورية القادرة على مكافحة الإرهاب. الصفقة التي سيعقدها أردوغان مع إيران لن تتضمن أي حل جدي لقضية الإرهاب. تلك الصفقة لن تزيح ذيل الكلب، وبالتالي هي لن تحل أساس مشكلة الإرهاب في سورية.

صفقة أردوغان مع إيران لن يكون لها تأثير سلبي على الإرهابيين أو على ذيل الكلب الذي هو سبب وجود الإرهابيين، ولكن تلك الصفقة سيكون لها آثار خطيرة على الأكراد الذين هم القوة التي تكافح الإرهابيين. لهذا السبب أنا أطمئنكم بأن هذه الصفقة هي فاشلة سلفا والمجتمع الدولي لن يسمح لها بتحقيق أهدافها الشريرة.

قضية الإرهاب في سورية هي ليست لعبة. داعش الآن تضعف، ولكن جبهة النصرة تقوى ولا تضعف. جبهة النصرة ستستمر بالنمو طالما بقي ذيل الكلب طليقا. الإرهاب في سورية هو ليس مجرد مشكلة أمنية. هناك أزمة سياسية كبيرة تتسبب بنمو الإرهاب، ولا يوجد إلى الآن حل في الأفق لتلك الأزمة السياسية. غياب الحل السياسي يعني أن الإرهاب سيستمر بالنمو، بالتالي قضية الإرهاب في سورية ستظل مطروحة لزمن طويل والمجتمع الدولي لن يتمكن من غض البصر عنها حتى ولو أراد ذلك.

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s