من المعروف عن عمر تعصبه العروبي المبالغ فيه، وأظن أنني تحدثت في الماضي عن هذه القضية وضربت أمثلة على تعصب عمر.
أحد مظاهر التعصب العروبي لدى عمر هو أنه كان ينهى المسلمين عن التسمي بأسماء الأنبياء الأعجمية.
القصة التالية هي من جامع ابن وهب:
وَأَخْبَرَنِي هِشَامُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: جَاءَتْ أُمُّ وَلَدٍ لِابْنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ إِلَى عُمَرَ، فَقَالَتِ: اكْسُنِي، فَقَالَ: مَنْ سَيِّدُكِ؟ لَا يَكْسُوكِ؟ قَالَتْ: أَبُو عِيسَى. قَالَ: أَبُو عِيسَى؟ قَالَ أَسْلَمَ: فَقِيلَ لِي: اذْهَبْ وادْعُهُ وَلَا تُخْبِرْهُ لِمَ تَدْعُوهُ. وَقَدْ كَانَ يَقُولُ لَنَا: إِذَا أَرْسَلْتُكُمْ إِلَى أَحَدٍ تَدْعُونَهُ فَلَا تُخْبِرُوهُ لِمَ أَدْعُوهُ فَإِنَّ الشَّيْطَانَ يُعَلِّمُهُ كِذْبَةً فَيَأْتِينِي بِهَا. فَجِئْتُهُ فَدَعَوْتُهُ، فَقَالَ: لِمَ تَدْعُونِي؟ قَالَ: فَلَا أَدْرِي. قَالَ: فَأَقْبَلَ مَعِيَ وَجَعَلَ يَسْأَلُنِي وَأَنَا أُخْبِرُهُ حَتَّى جِئْنَا الْبَابَ، وَقَدْ وَجَدْتُ لَهُ دَجَاجًا عَظِيمًا، قَالَ: وَأَعْطَانِي مِنْهُنَّ دَجَاجَةً عَلَى أَنْ أُخْبِرَهُ، فَأَخْبَرْتُهُ، قَالَ: وَدَخَلْتُ ودَخَلَ فِي أَثَرِي. قَالَ: أَخْبَرَكَ لِمَ أَرْسَلْتُ إِلَيْكَ؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: وَدَعَانِي فَجَمَعَ يَدَيَّ فِي يَدِهِ الْيُسْرَى ثُمَّ جَعَلَ يَضْرِبُنِي بِالدِّرَّةِ وَجَعَلْتُ أَنْزَوِي. قَالَ أَسْلَمُ: وَيَقُولُ إِنَّهُ لَحَدِيدٌ. قَالَ: ثُمَّ أَرْسَلَنِي وَقَالَ: وَاللَّهِ إِنَّكُمْ تَحْمِلُونِي عَلَى أَنْفُسِكُمْ وَأَنَا كَارِهٌ. ثُمَّ قَامَ إِلَى ابْنِهِ فَلَوْ أَرَادَهُ فِي عُنُقِهِ، ثُمَّ جَعَلَ يَضْرِبُهُ بِالدِّرَّةِ حَتَّى فَتَرَ. فَقَالَ: هَلْ تَدْرِي مَا أَسْمَاءُ الْعَرَبِ لَا أُمَّ لَكَ؟ عَامِرٌ، وَعُوَيْمِرٌ، وَمَالِكٌ، وَصِرْمٌ، وَمُوَيْلِكٌ، وسَرَرَةُ. هُوَ مُرَّةُ. ثُمَّ جَعَلَ يَضْرِبُهُ وَيَقُولُ لَهُ ذَلِكَ: هَلْ تَدْرِي مَا أَسْمَاءُ الْعَرَبِ؟ ثُمَّ يُرَدِّدُ عَلَيْهِ ذَلِكَ مِثْلَ مَقَالَتِهِ الْأُولَى مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا. ثُمَّ قَالَ: دَعْ عَنْكَ عِيسَى، فَإِنَّا وَاللَّهِ مَا نَعْلَمُ لِعِيسَى أَبًا.
ما يلي تفسير القصة حسب فهمي لها:
كانت لابنِ عمرَ بن الخطاب جاريةٌ، وكان له ولد من هذه الجارية. أتت الجارية إلى عمر فقالت: اكْسُنِي. فقال عمر: مَنْ هو سَيِّدُكِ الذي لا يَكْسُوكِ؟ فقَالَتْ: أَبُو عِيسَى. فقَالَ عمر مستنكرا: أَبُو عِيسَى؟ ثم أرسل عمرُ أسلمَ [الذي هو راوي الحديث] لكي يأتيه بأبي عيسى. قال عمر لأسلم: اذْهَبْ وادْعُهُ وَلَا تُخْبِرْهُ لِمَ تَدْعُوهُ. قال أسلم: وَقَدْ كَانَ عُمَرُ يَقُولُ لَنَا: إِذَا أَرْسَلْتُكُمْ إِلَى أَحَدٍ تَدْعُونَهُ فَلَا تُخْبِرُوهُ لِمَ أَدْعُوهُ فَإِنَّ الشَّيْطَانَ يُعَلِّمُهُ كِذْبَةً فَيَأْتِينِي بِهَا. فجاء أسلم إلى أبي عيسى فدعاه. فَقَالَ أبو عيسى: لِمَ تَدْعُونِي؟ قَالَ أسلم: فَكُنْتُ أقول لَا أَدْرِي. قَالَ أسلم: فَأَقْبَلَ أبو عيسى مَعِيَ وَجَعَلَ يَسْأَلُنِي: لِمَ تَدْعُونِي؟ وَأَنَا أُخْبِرُهُ بنفس الجواب حَتَّى جِئْنَا بابَ عُمَرَ. وَكنتُ قَدْ وَجَدْتُ لابنِ عُمَرَ دَجَاجًا عَظِيمًا، فأَعْطَانِي مِنْهُنَّ دَجَاجَةً عَلَى أَنْ أُخْبِرَهُ، فَأَخْبَرْتُهُ، وَدَخَلْتُ على عُمَرَ ودَخَلَ فِي أَثَرِي. قَالَ عمرُ لابنهِ: هلْ أَخْبَرَكَ لِمَ أَرْسَلْتُ إِلَيْكَ؟ قَالَ ابن عمر لأبيه: نَعَمْ. قَالَ أسلم: وَدَعَانِي عمرُ فَجَمَعَ يَدَيَّ فِي يَدِهِ الْيُسْرَى ثُمَّ جَعَلَ يَضْرِبُنِي بِالدِّرَّةِ، وَجَعَلْتُ أَنْزَوِي، وَعمرُ يَقُولُ: إِنَّهُ لَحَدِيدٌ. ثُمَّ أفلتني وَقَالَ: وَاللَّهِ إِنَّكُمْ تَحْمِلُونِي عَلَى أَنْفُسِكُمْ وَأَنَا كَارِهٌ. ثُمَّ قَامَ عمرُ إِلَى ابْنِهِ فَلَوْ أَرَادَهُ فِي عُنُقِهِ ]هاني: لم أفهم معنى العبارة الحمراء على وجه اليقين. من يفهم معناها فأرجو أن ينيرني به، مع الشكر[، ثُمَّ جَعَلَ عمرُ يَضْرِبُ ابنهُ بِالدِّرَّةِ حَتَّى فَتَرَ ]هاني: حتى فتَرَ عمرُ، أي أنه ظل يضرب ابنه إلى أن تعب وما عاد يقوى على مواصلة الضرب[. فَقَالَ عمرُ لابنه: هَلْ تَدْرِي مَا أَسْمَاءُ الْعَرَبِ لَا أُمَّ لَكَ؟ عَامِرٌ، وَعُوَيْمِرٌ، وَمَالِكٌ، وَصِرْمٌ، وَمُوَيْلِكٌ، وسَرَرَةُ. هُوَ مُرَّةُ. ]هاني: أظن أن العبارة الحمراء تعني أن عمر غير اسم عيسى إلى مُرَّةُ[. ثُمَّ جَعَلَ يَضْرِبُ ابنَه وَيَقُولُ لَهُ نفس الكلام مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا. ثُمَّ قَالَ: دَعْ عَنْكَ عِيسَى، فَإِنَّا وَاللَّهِ مَا نَعْلَمُ لِعِيسَى أَبًا.
ما يلي رواية أخرى حول نفس الموضوع:
وَأَخْبَرَنِي ابْنُ لَهِيعَةَ، عَنِ ابْنِ أَبِي حَبِيبٍ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ كَانَ لَا يَدَعُ أَحَدًا يَتَكَنَّى بِاسْمِ نَبِيٍّ وَلَا يُسَمَّى بِهِ. فَقَالَ طَلْحَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ: لَقَدْ كُنِيتُ أَبَا مُحَمَّدٍ فَمَا أَنْكَرَهَا رَسُولُ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَقَالَ […]: لَقَدْ كُنِيتُ أَبَا يَحْيَى ورَسُولُ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ يَسْمَعُهَا فَمَا أَنْكَرَهَا. قَالَ عُمَرُ: أَمَا أَدَلُّ أَشَرُّ الَّذِي يَحْيَى، وَلَكِنْ لَا أُسَمِّي بِهَا وَلَدًا لِي أَبَدًا.