قمة الخيانة:
http://alwatan.sy/archives/47427
اتهمت مصادر كردية معارضة، محسوبة على ما يبدو على «المجلس الوطني الكردي» المنافس للاتحاد الديمقراطي، موسكو وإيران بمحاولة «إقناع القوى والأحزاب الكردية السورية بالانسحاب من الهيئة العليا للمفاوضات المنبثقة عن مؤتمر الرياض للمعارضة، للمشاركة في مؤتمر جنيف الثالث ككتلة كردية موحّدة مع حزب الاتحاد الديمقراطي».
ونقلت وكالة «آكي» الإيطالية للأنباء عن هذه المصادر من دون أن تسميها: إن مسؤولين روساً تواصلوا مع «معارضين سوريين أكراد مختلفي التوجّه، بعضهم متحالف مع الائتلاف ومُمثل بالهيئة العليا للمفاوضات، حاولوا التسويق لفكرة وفد كردي موحّد يكون طرفاً ثالثاً في مفاوضات جنيف». وانقسم هؤلاء المعارضون بين مؤيد للطرح ومعارض.
وأوضحت المصادر أن الطرح الروسي لاقى «رفضاً من الكثير ممن التقى (الروس)»، مبيناً أن هؤلاء الرافضين «شددوا على أن المجلس الوطني الكردي هو تمثيل عادل ومقبول للأكراد في الهيئة العليا للمفاوضات، كما شددوا على أن خصوصية مطالب الأكراد لا تنفصل عن مطالب بقية السوريين، وحذّروا من الانسياق للمخطط الروسي الإيراني». في المقابل، أقرت المصادر بأن البعض الآخر من المعارضين الأكراد «أيّد (خلال لقاء المسؤولين الروس) الفكرة ورآها فرصة لتحقيق مطالب قومية وفدرالية للأكراد بعيداً عن الخلافات بين المعارضة السورية والنظام».
واعترفت المصادر، بأن «قاعدة شعبية كردية» باتت تؤيد فكرة الوفد الكردي المستقل حسبما تسعى إليه روسيا وإيران، لكنّ هذه المصادر حذّرت من موافقة قوى كردية عليها، لما لها من مخاطر عديدة على رأسها الخلافات الكبيرة بين هذه القوى وحزب الاتحاد الديمقراطي، الذي يهيمن على شمال سورية عسكرياً وسياسياً، ويرفض إشراك القوى الكردية في الإدارة الذاتية إلا كمشاركين هامشيين وليس شركاء.
كما حذرت من احتمال أن يؤثر وجود «الوفد الكردي» في كل مجريات المفاوضات، وحرف مسارها لغير ما تطمح إليه المعارضة السورية.
بعض أعضاء المجلس الوطني الكردي يرفضون فكرة الوفد الكردي المستقل ويزعمون أن تمثيل الأكراد الحالي في مفاوضات جنيف هو تمثيل عادل!
من الواضح أن تمثيل الأكراد هو عادل، بدليل أن المفاوضات لم تتطرق بحرف واحد إلى مطالب الأكراد (باستثناء ما صدر في الجلسة الأولى من رفض للفدرالية، والذي نال موافقة وفد الائتلاف).
هذا التقرير الصحفي يكشف حقيقة أظن أنها باتت معروفة للجمهور الكردي السوري: المجلس الوطني الكردي يدمر القضية الكردية السورية. هذا المجلس هو ليس مهتما بالفدرالية ولا بأي مطلب يهم الأكراد. كل ما يهم هذا المجلس هو النيل من حزب الاتحاد الديمقراطي.
حزب الاتحاد الديمقراطي هو حزب شمولي استولى على السلطة بالقوة ويمارس التشبيح ضد معارضيه. هذه حقيقة واضحة. ولكن هذه الحقيقة لا تبرر الخيانة التي يقوم بها المجلس الوطني الكردي. هذا المجلس يدمر الأكراد بحجة حزب الاتحاد الديمقراطي. هذه حجة غير مقبولة وغير منطقية.
الأكراد الآن يجب أن يركزوا على نيل الفدرالية أو الحكم الذاتي. أية قضية أخرى تثار في الوقت الحالي من قبل المجلس الوطني الكردي هي مجرد محاولة لإلهاء الجمهور الكردي عن القضية الأساسية.
الوقت الحالي هو ليس مناسبا لإثارة الخلافات التافهة من قبيل الخلاف حول تسمية الأكراد. لا يهم إن كان اسم الأكراد هو “الأمة الديمقراطية” أو أية تسمية أخرى. من يثير هذه الخلافات التافهة في هذا الوقت هو يريد أن يلهي الجمهور الكردي عن القضية المهمة.
هذا النهج هو نفس نهج الطاغية البرزاني. البرزاني حاليا هو رئيس غير شرعي لإقليم كردستان، لأن ولايته الدستورية انتهت. هو مجرد مغتصب للسلطة. لكي يلهي الجمهور عن هذه الحقيقة هو يثير قضايا خلبية من قبيل قضية الدولة الكردية. هو يتحدث عن الدولة الكردية كما لو أنها ستنشأ قريبا. هدفه من ذلك هو صرف أنظار الناس عن الأزمة الخطيرة التي تسبب بها في إقليم كردستان بسبب رفضه ترك السلطة.
أتباع البرزاني في سورية يمارسون نفس النهج. هم يثيرون قضايا تافهة في الإعلام لكي يلهوا الجمهور الكردي عن الخيانة الكبرى التي يقومون بها في جنيف.
هم يعيبون على حزب الاتحاد الديمقراطي انفتاحه على العرب وتجنبه للنزعة الكردية الانفصالية. السؤال هو: لو فرضنا أن حزب الاتحاد الديمقراطي نفذ مطالبهم وأعلن تأسيس إقليم كردي صاف تحت مسمى “كردستان سورية”، ما هي احتمالات نجاح هذا المشروع؟
هذا المشروع الذي يطالبون به هو مشروع خلبي لا يختلف عن الدولة الكردية الوهمية التي يتحدث عنها برزاني. لا يمكن في سورية تأسيس إقليم كردي بحت على غرار كردستان العراق. الأوضاع في سورية تختلف تماما عن الأوضاع في العراق. العرب في سورية لا يعترفون أصلا بوجود الأكراد ويعتبرونهم أجانب، فكيف يمكن للأكراد تأسيس إقليم كردي بحت؟ مصير هذا المشروع سيكون الفشل الحتمي.
لا يمكن في سورية تأسيس إقليم إلا على غرار الإقليم الذي أسسه حزب PYD، أي إقليم متعدد الإثنيات. فكرة الإقليم الكردي الصافي التي يدعو لها المجلس الوطني الكردي هي مستحيلة التطبيق. هذه الفكرة هي مجرد مزايدة سياسية.