خلال الأيام الماضية قرأت كلاما لبعض مهرجي المعارضة السورية يقارنون فيه بين الأكراد والتركمان.
حسب زعم هؤلاء المهرجين فإن الأكراد في سورية هم انفصاليون، في حين أن التركمان هم ضد الانفصال!
التركمان في سورية هم أول طائفة نادت بالانفصال، وهم الطائفة الوحيدة التي انفصلت فعلا عن سورية.
معظم تركمان الكيان السوري هم على ما أظن موجودون في لواء إسكندرون. لو أجرينا استفتاء بين هؤلاء وسألناهم عن رأيهم في العلاقة مع سورية فكيف سيكون جوابهم؟
لا أظن أن أحدا منهم سيعترف بأنه سوري من الأساس.
هذه هي الطائفة الوطنية من وجهة نظر مهرجي المعارضة السورية.
على كل حال، المعارضة السورية لا تعترف أصلا بأن لواء إسكندرون هو جزء من الكيان السوري. هذه المعارضة تبرر تنازلها عن لواء إسكندرون عبر الزعم بأن حافظ الأسد هو أول من تنازل عن اللواء!
لو فرضنا جدلا أن حافظ الأسد تنازل عن اللواء فهل هذا يبرر تنازلكم عنه؟
لا يوجد أي شيء رسمي يثبت أن حافظ الأسد تنازل بالفعل عن لواء إسكندرون. كل ما قيل في هذا الصدد هو مجرد إشاعات وأقاويل مصدرها المعارضة السورية. عائلة الأسد نفت بشكل رسمي صحة هذه الأقاويل.
الحقيقة هي أن لا أحد في سورية تنازل عن لواء إسكندرون سوى المعارضة السورية حصرا. الاتهامات الموجهة لحافظ الأسد بأنه تنازل عن اللواء هي مجرد كلام، وحتى لو كانت هذه الاتهامات ذات مصداقية فهي لا تبرر للمعارضة التنازل عن اللواء، لأن حافظ الأسد لا يملك أصلا صلاحية التنازل عنه.
هذه هي نفس مشكلتنا مع فرنسا. فرنسا تنازلت عن اللواء لتركيا رغم أن ذلك لم يكن من صلاحياتها. صك الانتداب الفرنسي على سورية نص صراحة على أن الدولة المنتدبة لا تملك حق التنازل عن أراضي سورية لدول أخرى.
بعض الناس (خاصة البسطاء والدراويش) سيرون في كلامي هذا ضربا من السفسطة والكلام غير الواقعي. هم مخطؤون في هذه النظرة. أنا في هذا المقال لا أدعو لخوض حرب ضد تركيا لأجل تحرير اللواء، ولكنني أتحدث من ناحية قانونية. الكيان السوري من الناحية القانونية لم يعترف أبدا بضم لواء إسكندرون إلى تركيا. بالنسبة للكيان السوري لواء إسكندرون هو محافظة محتلة.
طبعا يحق لأي شخص أن يرفض وجهة نظر الكيان السوري، ولكن أليس من الغريب أن نرى مواطنين سوريين يرفضون وجهة نظر الكيان السوري؟
أنا شخصيا أرى أن الكيان السوري هو دولة بائدة، وبالتالي وجهة نظر ذلك الكيان هي الآن بلا قيمة (بالنسبة لي كل ذلك الكيان كان بلا قيمة وكان أشبه بسيرك)، ولكن المعارضين السوريين هم متمسكون بالكيان البائد ويحرصون عليه ويرفضون تقسيمه كما يزعمون.