أنا ربما أبالغ في حديثي عن الأكراد وأظهرهم وكأنهم سوبرمان.

أنا أفعل ذلك لأنني ما زلت لا أرى أية جهة معتدلة في سورية سوى الأكراد.

الوضع في محافظة حلب هو معقد. ريف المحافظة وقسم من مدينة حلب هو واقع تحت سيطرة ما يسمى بالثوار، وهؤلاء يحظون بغطاء من تركيا.

ثوار محافظة حلب هم مكروهون من أهل مدينة حلب، لأنهم في الحقيقة مجرد مجرمين.

بشار الأسد أدخلهم إلى مدينة حلب لكي يحقق عدة أهداف ذكرناها في الماضي. السبب الأهم هو أن بشار الأسد أراد مبررا يسمح له بتطبيق خطة “سورية المفيدة” التي اعترف بها لاحقا.

بشار الأسد نكب الحلبيين بهؤلاء الثوار الذين دمروا كل شيء في المدينة. هم دمروا حتى الجامع الأموي والسوق القديمة وقلعة حلب، ناهيك عن تدمير المعامل والأرزاق والبيوت وسرقتها. ما فعلوه في حلب لا يقل سوءا عما فعله بشار الأسد نفسه. لهذا السبب ليس غريبا أن أهل حلب يكرهونهم.

السؤال هو: من الذي سيخلص مدينة حلب من هؤلاء الثوار؟

إخراج الثوار من مدينة حلب يبدو معضلة صعبة، لأن تركيا توفر لهؤلاء الثوار الحصانة والحماية.

هؤلاء الثوار ينتمون بشكل عام إلى تيارين: التيار الجهادي والتيار الإخواني. كلا التيارين هما أسوأ من بعضهما.

مشكلة الحلبيين مع الإخوان المسلمين لا تنحصر في تزمتهم وتطرفهم وتخلفهم. المشروع السياسي للإخوان هو بحد ذاته مدمر لمستقبل حلب. هذا المشروع سيمنع إعادة إعمار المدينة مجددا.

الإخوان يريدون إعادة سورية إلى حقبة الدمشقية السياسية (هذه الحقبة تتوافق مع نظرتهم الدينية). إعادة سورية إلى هذه الحقبة تعني أن سورية بشكل عام وحلب بشكل خاص ستظل مجرد خرابة ولن تقوم لها قائمة مجددا.

هم لن يتمكنوا بالفعل من إعادة الدمشقية السياسية (لا أحد سيتمكن من ذلك، لأنه مشروع مستحيل مثل المشروع الجهادي والمشروع الإيراني)، ولكن مساعيهم لإعادتها سوف تسبب الكثير من الأضرار.

هل يكون الأكراد هم طوق النجاة للخلاص من الوباء الجهادي-الإخواني؟ الأكراد لهم تواجد كبير في مدينة حلب وفي عفرين التي تقع بالقرب من حلب.

المشكلة هي أن تركيا تدعم الجهاديين والإخوانيين ضد الأكراد بزعم منع إقامة كيان كردي.

إذا نجح الروس والأميركان في تحييد تركيا وإيقاف تدخلها في سورية فسوف يضعف الجهاديون والإخوانيون وسوف يتمكن الأكراد في محافظة حلب من إيجاد الكثير من الحلفاء العرب. التعصب ضد الأكراد هو ضعيف في محافظة حلب (بخلاف ما هو الحال في الحسكة ودير الزور). سكان مدينة حلب وريفها لا يكرهون الأكراد ولا يخافون منهم (لأن الأكراد في المحافظة هم أقلية معزولة جغرافيا). التحالف بين الجانبين هو أمر سهل. العائق الوحيد أمام هذا التحالف هو الفكر الجهادي-الإخواني المدعوم من تركيا.

إذا انتهى التأثير التركي في محافظة حلب فسوف يكون من الممكن تأسيس تحالف معتدل يضم أكرادا وعربا. هذا التحالف يمكنه أن يحرر مدينة حلب (بدعم روسي أو أميركي).

من الممكن للإخوة العلويين أن يساهموا أيضا في تحرير المدينة إذا أرادوا ذلك، بشرط أن يتخلصوا أولا من ذيل الكلب.

وجود المقاتلين العلويين في مدينة حلب هو أمر مرفوض طالما أنهم يوالون ذيل الكلب. إذا تبرؤوا من ذيل الكلب فيمكن لهم بعد ذلك أن ينضموا للتحالف الذي سيحرر المدينة.

انا أقول هذا الكلام لأن مدينة حلب تحوي حاليا الكثير من العلويين الذين يقاتلون ضد الثوار، ولكن المشكلة هي أن هؤلاء هم تابعون لذيل الكلب، وبالتالي لا يمكن لأحد أن يعتبرهم محررين. هؤلاء هم غزاة مجرمون مثل الثوار. من يحمل راية ذيل الكلب هو مجرم.

ذيل الكلب قتل عشرات آلاف الناس في حلب وريفها. لا أحد قتل هذا العدد من الناس في حلب وريفها قبل ذيل الكلب سوى هولاكو.