عمر الثيمة هو ليس بالضرورة عمر العمل الأدبي أو الفني الذي يحويها

تحدثت مؤخرا عن “القدود الحلبية” واقترحت أن أصلها يعود إلى عصر الدولة الحمدانية.

فيما كتبته ذكرت أن ورود ثيمة الارتحال إلى حلب في كلمات بعض الأغاني قد يدل على رجوعها إلى زمن الحمدانيين، لأن هذه الثيمة هي معروفة في شعر تلك الفترة. أبرز مثال هو مقولة المتنبي “حَلَبُ قَصدُنا وَأَنتِ السَبيلُ”.

ولكن هناك مسألة مهمة يجب توضيحها، وجود ثيمة معينة في أغنية لا يعني أن عمر الأغنية هو بعمر الثيمة.

كلمة “ثيمة” (من اليونانية θέμα، بالإنكليزية theme) تعني فكرة أو خاصية تتكرر باستمرار في أعمال أدبية أو فنية. أصل ثيمة الارتحال إلى حلب يعود ربما إلى عصر الحمدانيين، ولكن من الممكن مثلا لشخص عاش في الموصل في القرن 18 أن يؤلف أغنية تحوي هذه الثيمة. لو فرضنا أن هذا الشخص هو مطلع على التراث القديم الذي يعود لعصر الحمدانيين فمن الممكن أن هذه الثيمة ستكون مألوفة بالنسبة له، ومن الممكن أن يقوم بتأليف أغنية تحوي نفس الثيمة. هو قد يفعل ذلك من باب اتباع التراث وتقليد الأولين. مثل هذا الأمر كان شائعا في العصور الماضية.

ما أريد قوله هو أن ورود اسم حلب في أغنية تراثية موصلية أو عراقية لا يعني بالضرورة أن الأغنية تعود لزمن سيف الدولة. من المحتمل أن من ألف هذه الأغنية عاش بعد الحمدانيين بقرون عديدة، ولكنه ذكر اسم حلب في أغنيته الجديدة تقليدا لأغنية أخرى قديمة.

بالتالي وجود ثيمة معينة في أغنية هو ليس دليلا أكيدا على عمرها، لأن عمر الثيمة هو ليس بالضرورة عمر الأغنية.

ولكن الفكرة الأساسية هي: بما أن هذه الأغاني (التي تسمى بالقدود) تحوي هذه الثيمة ذات الأصل الحمداني (على ما أفترض)، وبما أن هذه الأغاني هي مرتبطة تاريخيا بمدينتي الموصل وحلب (مواطن الحمدانيين)، يمكننا إذن أن نفترض أن هذه الأغاني أو القدود هي من تراث الحمدانيين.

 

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s