الاعتقاد بـ”التراتبية الإلهية الكونية” هو سبب الرؤية السياسية المشوشة لدى بعض المعارضين السوريين

انظروا إلى سخافة هذا المعارض السوري.

هو اعتبر أن قرار بوتين بالأمس هو نهاية الحرب السورية. هكذا بهذه البساطة.

لا أستغرب أن كلامه تحول إلى خبر إعلامي. حسب علمي فإن هذا هو من كبار مفكري المعارضة السورية. إذا كان كبار المفكرين في المعارضة السورية يحللون الأمور هكذا فماذا نقول عن صغار المفكرين.

طبعا كلامي هذا هو مجرد مزاح. كلمة “المعارضة السورية” تشمل ملايين الناس، ولا شك أن بين هؤلاء الكثير من الأذكياء واللامعين. أنا لا أقول أن كل المعارضين هم أغبياء لأن هذا الكلام بحد ذاته هو غباء. عندما أنتقد “المعارضة السورية” في المدونة فأنا لا أقصد بذلك كل المعارضة وإنما أقصد مجموعة صغيرة من الناس تظهر كثيرا في الإعلام بوصفها قيادات المعارضة. هذه المجموعة تستحق النقد لأن أداءها خلال سنوات الثورة كان كارثيا.

لماذا توصل برهان غليون إلى ذلك الاستنتاج العبقري؟

السبب هو أن برهان غليون ينظر إلى روسيا بوصفها إله بشار الأسد.

برهان غليون يعتقد أن هناك “تراتبية إلهية” تحكم عمل بشار الأسد. الإله الأعلى هو بوتين، وتحته إله أدنى هو الخامنئي.

بما أننا نتحدث عن آلهة فهذا يعني أن من يأتي في قمة التراتبية يملك سلطة مطلقة على من هم أدنى منه. بما أن بوتين هو في القمة فهذا يعني أنه يملك سلطة مطلقة على الخامنئي وذيل الكلب.

إذا أراد بوتين شيئا فإنما يقول له كن فيكون. هكذا يعتقد برهان غليون.

اعتقاد برهان غليون هو نفس اعتقاد رجل الشارع في سورية (كما نلاحظ على الفيسبوك). في بداية الثورة كانت هناك قناعة عامة لدى جمهور الثورة بأن أميركا تأتي في قمة التراتبية الإلهية. هم كانوا يظنون أن أميركا تستطيع إزاحة بشار الأسد بإشارة منها (كن فيكون). عندما ثبت بشار الأسد على كرسيه حمل المعارضون المسؤولية لأميركا (هل يعقل أن الرب الأعلى يريد إزاحته وهو لا ينزاح؟ طبعا لا. لا بد أن الرب الأعلى يخدعنا. هو لا يريد بالفعل إزاحة بشار الأسد). ليس هذا فقط، بل إن جمهور الثورة حمل أميركا مسؤولية مواقف بوتين!

عندما استخدمت روسيا حق الفيتو في مجلس الأمن قال جمهور الثورة “لا بد أن أميركا تقف وراء ذلك”. أيضا عندما تدخلت روسيا عسكريا في سورية قال جمهور الثورة “لا بد أن أميركا تقف وراء ذلك”. بما أن أميركا تأتي في قمة التراتبية الإلهية فلا بد أنها مسؤولة عن كل شيء يقوم به من هم أدنى منها.

هم يفسرون كل شيء وفق هذه التراتبية الإلهية. هي راسخة في نفوسهم ولا توجد فائدة من إقناعهم ببطلانها.

لا أدري ما هو سبب إيمانهم الراسخ بهذه التراتبية الإلهية، ولكنني أفترض أن السبب نابع من ثقافة مجتمعهم. لا أريد الآن أن أخوض في هذا الموضوع بالتفصيل، ولكنني فقط أقول أن كل هذه التراتبية هي مجرد خرافة. اعتقادكم بهذه التراتبية هو جهل. العالم هو ليس كما تظنون. أميركا هي ليست فوق روسيا، وروسيا هي ليست فوق إيران، وإيران هي ليست فوق ذيل الكلب.

فكرة التراتبية هي بالمناسبة موجودة في أساس عقيدة الجهاديين. الجهاديون يكنون عداء كبيرا لأميركا لأنهم يعتقدون أنها مسؤولة عن أعمال “الطواغيت” الذين يحكمون الدول العربية. نفس الثيمة كانت موجودة في أدبيات الخميني. هو وصف أميركا بالشيطان الأكبر لأنها في اعتقاده كانت مسؤولة عن أعمال الشاه المخلوع.

فكرة التراتبية الإلهية الكونية هي موجودة في صلب ثقافة الشعوب العربية والإسلامية. رغم كونها فكرة جوهرية في تفكير العرب والمسلمين إلا أنها فكرة خاطئة ولا أساس لها.

بالنسبة للأزمة السورية فإن سببها الأكبر (والأوحد) هو إيران. لولا إيران لما كان الأسد صمد عاما واحدا على كرسيه. الروس كانوا يؤيدون الإطاحة بالأسد منذ العام الأول، وهم طلبوا منه بالفعل أن يتنحى أكثر من مرة، وطلبوا من إيران التخلي عن دعمه أكثر من مرة. حقيقة الموقف الروسي هي معروفة لمن يقرأ الصحف الدولية ويتابع تصريحات مسؤولي الدول الكبرى. لا يوجد شيء سري حول الموقف الروسي من الأزمة السورية. الدول الغربية تعلم أن روسيا تريد الإطاحة بالأسد، وهي تعلم أن روسيا لا تستطيع إطاحته، ولكن هذه الدول تضغط على روسيا لإرغامها على أخذ موقف معاد للأسد. الروس لا يريدون أن يأخذوا موقفا معاديا للأسد لأن هذا سيفسد علاقتهم التحالفية مع إيران وسورية. إذا فعل الروس ما يريده الأميركان فهم سيخسرون حلفاءهم في الشرق الأوسط، وبالتالي هم سيخسرون دورهم في قضايا الشرق الأوسط وسيصبحون مجرد متفرج على الأحداث.

رغبة الروس بالتخلص من الأسد لا تعني أنهم سيضحون بنفوذهم ودورهم في الشرق الأوسط.

لماذا لم تأخذ أميركا موقفا معاديا لآل سعود في قضية البحرين؟ السبب هو أن أميركا لم ترد أن تخسر علاقتها مع آل سعود.

الدول الكبرى تقوم بأشياء غير صحيحة من وجهة نظرها بسبب رغبتها في الحفاظ على مصالحها. الروس يدعمون بشار الأسد ليس لأنهم معجبون به، ولكن لأنهم لا يريدون خسارة علاقتهم مع إيران ومع سورية كدولة. أيضا الأميركان دعموا حملة آل سعود على البحرين ليس لأنهم كانوا معجبين بتلك الحملة، وإنما لأنهم لم يريدوا أن يخسروا علاقتهم مع آل سعود ومع البحرين كدولة.

4 آراء حول “الاعتقاد بـ”التراتبية الإلهية الكونية” هو سبب الرؤية السياسية المشوشة لدى بعض المعارضين السوريين

  1. برهان غليون رجال ملحد وهو يعيش بباريس من نصف قرن ، بعدون هو أستاذ بالسوربون وهي اهم جامعة بفرنسا ، إنتي الحقيقة ما عاجبك غير صالح مسلم تبعك يلي هوي مخبر عند علي مملوك ،
    ان الطيور على اشكالها تقع😊😊😊😊😊

    • رغم أن كلامك لا يستحق الرد إلا أنني سأرد حتى لا ينخدع أحد من القراء الجدد بكلامك: أنا ضد صالح مسلم، وفي مدونتي هناك مقالات كثيرة تنتقد فكره الشمولي الشيوعي البعيد عن الديمقراطية.

      عندما أدعو للتعاون مع الأكراد ودعمهم فهذا لا يعني أنني معجب بهم، ولكن هؤلاء هم أفضل الموجود في سورية.

      موقف أميركا هو مثل موقفي. أميركا لديها مآخذ كثيرة على الأكراد، ولكن ما هو البديل؟

      بالنسبة لمن يعجبني فلا أحد يعجبني بنسبة 100%. هذا شيء طبيعي لأنني إنسان ذو عقل ولست نعجة. أنا لا أعبد أحدا. كل شخص في العالم لديه أمور إيجابية وسلبية. عندما أنتقد شخصا فهذا لا يعني أنني ضده بالمطلق، وعندما أمتدح شخصا فهذا لا يعني أنني معه بالمطلق. إذا امتدحت صالح مسلم ذات مرة فهذا لا يعني أنني أؤيد كل شيء يفعله، وإذا انتقدت برهان غليون فهذا لا يعني أنني ضد كل شيء لديه.

  2. اعتقاد برهان غليون هو نفس اعتقاد رجل الشارع في سورية (كما نلاحظ على الفيسبوك). في بداية الثورة كانت هناك قناعة عامة لدى جمهور الثورة بأن أميركا تأتي في قمة التراتبية الإلهية

    هاد الكلام فوق من المقالة التخبيصيه تبعك ، اذا كان مدير معهد الشرق الأوسط بالسوربون هيك بتحكي عنه ، لازم تستحي عحالك شوي وتحترم الناس يلي بيقرولك وتحترم العلم والعلماء ،

    • في مقالي لا توجد إساءات شخصية لبرهان غليون أو لتاريخه الأكاديمي. المقال يتحدث فقط عن أحد مواقفه السياسية.

      المواقف السياسية لبرهان غليون هي بشكل عام تافهة. أنا لست مستاء من موقف واحد فقط. كل مساره السياسي خلال الثورة لا يعجبني. لهذا السبب أنا تحدثت عنه بحدة.

      يحق لي انتقاد طروحاته طالما أنني أتحدث بمنطق ودون تهجم شخصي. الأسلوب الذي تتحدث به حضرتك هو مرفوض. أنت تمنعني من الرد عليه بحجة أنه يعمل في جامعة السوربون! ما علاقة وظيفته وتاريخه بالمقال أعلاه؟ هل المقال يبحث في وظيفته وتاريخه؟

      المقال أعلاه لا يناقش برهان غليون وإنما يناقش موقفا سياسيا لبرهان غليون. إذا كنت لا تميز الفرق فلا تعلق.

اترك رداً على Hani إلغاء الرد