برزاني ودولته الكردية مجددا

تلفتني البساطة التي يتحدث بها مسعود البرزاني عن قضية الدولة الكردية.

البساطة التي يتحدث بها تستحق أن توصف بالغباء.

هو مثلا يقول:

الوقت مناسب الآن لأعادة النظر في الحدود القائمة في المنطقة , لكن ليس على غرار ما حصل قبل مئة عام عندما قسمت بريطانيا وفرنسا المنطقة , دون أستشارة أحد . هذه المرة يجب ان يكون قادة الشرق الأوسط جزءاً من هذا المشروع

في الأيام الماضية طرحت مسألة الفدرالية في سورية ورأينا كيف كان رد الفعل. آل سعود وتركيا وإيران كلهم رفضوا الفكرة بشدة.

من هم قادة الشرق الأوسط الذين يقصدهم برزاني؟ هو على ما أظن يفكر في نفسه وفي نتنياهو، لأن هؤلاء فقط أظهروا التأييد لما يريده. بالنسبة للبرزاني نفسه فهو ليس من قادة الشرق الأوسط، وأما نتنياهو فهو من قادة الشرق الأوسط في رأي الأميركان ولكن ليس في رأي دول الشرق الأوسط نفسها. لا أحد في الشرق الأوسط يقبل آراء نتنياهو أو طروحاته. معظم قادة الشرق الأوسط لا يقبلون بمجرد الجلوس مع نتنياهو.

قادة الشرق الأوسط الحقيقيون عبروا عن موقفهم من طروحات برزاني. إيران حذرت البرزاني وهددته بشكل علني بسبب طروحاته، وموقف تركيا هو معروف، ناهيك عن موقف العرب.

بالنسبة للدول الكبرى فموقفها أيضا واضح. قبل كل زيارة للبرزاني إلى أميركا كان يثير قضية تقسيم العراق، ولكن الأميركان كانوا يرفضون مجرد مناقشة الفكرة معه. موقف الروس هو ليس مختلفا (التعاطف الروسي الحالي مع الكرد هو مجرد طريقة للضغط على تركيا لكي تغير موقفها من ذيل الكلب في سورية).

هل برزاني هو أهبل أم يتهابل؟ أنا فسرت سلوكه في الماضي، وما زلت متمسكا بنفس التفسير. أنا أظن أنه يكثر الحديث عن الدولة الكردية لأنه يظن أن ذلك يكسبه شعبية بين الكرد في العراق والمنطقة. ما يقوم به هو نوع من المزايدة السياسية. هو يريد أن يقول للكرد أنه الأحرص على القضية الكردية والأكثر تشددا فيها من بين كل التيارات السياسية الكردية.

هو يريد أن يقول لأكراد العراق: لا تخلعوني من منصبي لأن الوقت غير مناسب لذلك. أنا أحاول أن آتي لكم بدولة كردية.

هو يطبق نفس أسلوب حافظ الأسد الذي ظل يعد السوريين لحولي ثلاثين عاما بأنه سيستعيد الجولان، رغم أنه باع الجولان في اتفاقية 1974.

برزاني يعلم أن دولته الكردية هي ليست واردة في المدى المنظور، ولكنه يكثر من الحديث عنها لكي يوحي للكرد بأنها قريبة. هو يريد منهم أن يبقوه في منصبه إلى أن يأتي لهم بهذه الدولة الكردية الموعودة.

حتى لو وافق الأميركان على تأسيس دولة كردية فكيف يمكن لهذه الدولة أن تعيش وهي مرفوضة من كل الدول المحيطة بها؟

برزاني يستخف بعقول الكرد.

رأي واحد حول “برزاني ودولته الكردية مجددا

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s