أنا لا أعرف بالضبط ما الذي حدث في جرابلس، لأن المصادر المختلفة تقول أشياء مختلفة.
هذه الصحيفة الإسرائيلية تزعم أن “عددا كبيرا من القوات التركية” دخل إلى مدينة جرابلس، ولكن الخبر غير موثوق لأن نفس المقال يزعم أن هناك تواطؤا بين تركيا وداعش (المقال يزعم أن داعش انسحبت من المدينة وسلمتها لتركيا دون قتال، وهذا بحسب الصحيفة يثير تساؤلا عن وجود تواطؤ بين تركيا وداعش). لهجة المقال بشكل عام هي عدائية ضد تركيا وبالتالي هو ليس حياديا.
لو ثبت أن الجيش التركي دخل بالفعل إلى مدينة جرابلس وسيطر عليها فهذا سيكون تطورا مهما. الملفت هو أن هذا التطور المهم حصل قبل أيام قليلة من موعد مفاوضات جنيف الهزلية، ما يوحي بأن تركيا استغلت جلبة المفاوضات للتغطية على تدخلها. هذا يناقض تماما الهدف الأميركي من وراء افتعال تلك الجلبة. الأميركان افتعلوا الجلبة لكي يحبطوا التدخل التركي. هم أرادوا أن يقولوا للرأي العام أن هناك عملية سياسية لحل الأزمة السورية وبالتالي ليس هناك مبرر للتدخل التركي.
باراك أوباما تحدث بالأمس مع أردوغان، وقبل ذلك أتى رئيس الأركان الأميركي. الأميركان استنفروا لمنع التدخل التركي وكأن تركيا تنوي التدخل ضدهم وليس ضد بشار الأسد.
على كل حال، يبدو أن التدخل التركي صار واقعا في حال صدقت الأنباء.
إذا كان الجيش التركي موجودا في جرابلس فهذا يعني أنها الآن مدينة آمنة. بالتالي يجب على السوريين أن يسارعوا إلى تأسيس حكومة ديمقراطية في هذه المدينة. لقد قرفنا من إطلاق الأميركان مسمى “الحكومة السورية” على بشار الأسد. يجب أن تكون هناك في سورية حكومة حقيقية حتى نجبر الأميركان على وقف تسمية بشار الأسد بالحكومة السورية.
المشكلة هي أن هذه الحكومة لن تتفاهم مع الأكراد وإنما ستحاربهم، بالتالي هي ستحرم نفسها من السيادة على المناطق الكردية، وهذه حماقة كبيرة. مصلحة الحكومة هي أن تسيطر على أكبر مساحة ممكنة من الأراضي. السيطرة على أراضي بشار الأسد باتت صعبة بسب الغزو الروسي والهروب الأميركي. بالتالي المناطق الكردية باتت ورقة مهمة. إذا حرمت الحكومة نفسها من المناطق الكردية فما الذي سيتبقى لها؟ هي ستحصر نفسها في جزء صغير جدا من سورية. لماذا هذه الحماقة؟ هل كراهية الأكراد تستأهل هذه الخسارة؟
هذه الحكومة يجب أن تركز على المناطق الكردية ودير الزور (وتدمر أيضا في حال لم يفت الأوان). هذه المناطق هي خارج نطاق بشار الأسد وإيران. السيطرة عليها يجب أن تكون أمرا سهلا.