جيش الفتح على خطى داعش… نحو الانتحار الاستراتيجي


بعد سقوط مدينة الموصل بيد داعش حصل انهيار عام في العراق.

الجيش العراقي انهار وتحلل، وداعش تمكنت خلال زمن وجيز من اكتساح المحافظات العربية السنية ووصلت إلى تخوم بغداد.

في تلك اللحظة ارتكبت داعش الخطأ المميت: أبو محمد العدناني أصدر بيانا قال فيه أن داعش تنوي اقتحام بغداد والنجف وكربلاء والتنكيل بالشيعة.

بعد تلك الرسالة مباشرة أصدر السيستاني فتوى الجهاد الكفائي التي أدت لتأسيس الحشد الشعبي.

تأسيس الحشد الشعبي وضع حدا لتمدد داعش. ليس هذا فقط، الحشد الشعبي شن هجمات معاكسة واستعاد مناطق عربية سنية من داعش.

الحشد الشعبي يحارب حاليا في عمق المناطق العربية السنية التي سيطرت عليها داعش.

تأسيس الحشد الشعبي زاد من قوة أصدقاء إيران في العراق وأعطى لإيران فرصة التدخل العسكري في العراق بحجة دعم الحشد الشعبي.

تأسيس الحشد الشعبي كان بصراحة أكبر ضربة أكلها تنظيم داعش على رأسه منذ تأسيسه. قبل تأسيس الحشد كان داعش ينتشر كالسرطان المميت، ولكنه بعد تأسيس الحشد بدأ يتراجع وينهزم.

كثيرون في العالم العربي هاجموا الحشد الشعبي وهاجموا السيستاني بسبب إطلاقه فتوى تأسيس الحشد، ولكنني لا أظن أن كلامهم أقنع أحدا في المجتمع الدولي، خاصة لأنهم تجاهلوا قضية داعش والتهديدات التي أطلقتها ضد الشيعة.

من هاجموا الحشد الشعبي هم نفس الذين هاجموا الوحدات الكردية في سورية. في كلتا الحالتين هم سكتوا عن داعش وتجاهلوها. لهذا السبب انتقاداتهم للحشد الشعبي وللوحدات الكردية بدت وكأنها تأييد ضمني لداعش.

بعض المراقبين الدوليين يعتقدون أن هؤلاء يدعمون داعش بالفعل وليس بمجرد الكلام. على سبيل المثال، تركيا هي متهمة لدى الكثيرين بأنها قدمت دعما مباشرا لداعش. تركيا والسوريون الدائرون في فلكها هم أكثر من ينتقدون الوحدات الكردية. الصورة العامة أوحت للبعض بأن تركيا والمعارضين السوريين هم متحالفون مع داعش بشكل عملي وليس بمجرد الكلام.

الشيء الغريب هو أن داعش هي التي تسببت في تأسيس الحشد الشعبي، وهي التي تسببت في تأسيس التحالف الأميركي-الكردي ضدها.

هل داعش كانت مضطرة لإعلان الحرب ضد الشيعة والأكراد؟

طبعا لا. كان بإمكان داعش أن تركز على تحرير المناطق العربية السنية في العراق وسورية. آنذاك كان سيصعب على الشيعة والأكراد والأميركان أن يؤسسوا تحالفا ضدها، لأن هذا كان سيبدو وكأنه تحالف معاد للعرب السنة.

التهديد الفارغ الذي أطلقته داعش ضد شيعة جنوب العراق أدى لتأسيس الحشد الشعبي ودخول إيران عسكريا إلى العراق، والحرب العبثية ضد الأكراد أدت للتدخل الأميركي.

أظن أن الدواعش أدركوا خطأهم (متأخرين). هم على ما أظن نادمون على الحروب العبثية التي أعلنوها ضد الشيعة والأكراد.

الشيء الملفت هو أن الجهاديين في سورية لم يتعلموا شيئا من تجربة الدواعش، رغم أن هذه التجربة ما زالت ماثلة أمامنا ولم تنته بعد.

إن هم كالأنعام بل أضل سبيلا.

جيش الفتح ترك المناطق العربية السنية في سورية وأعلن حربا عبثية ضد العلويين في سهل الغاب والساحل.

في البداية جيش الفتح تمكن من التقدم في سهل الغاب، ولكنه اضطر للتراجع بسبب هجوم معاكس من بشار الأسد. بعد ذلك تقدم جيش الفتح مجددا، ولكنه على الأغلب سيتراجع من جديد.

هذه معركة عبثية بامتياز. بشار الأسد لا يستطيع أن يترك جيش الفتح في سهل الغاب، لأن أتباعه العلويين لن يقبلوا بذلك. أنا أظن أن بشار الأسد هو ليس مقتنعا بمعركة سهل الغاب من أساسها وهو يود أن يسحب قواته الموجودة هناك ويأخذها إلى أماكن أخرى، ولكنه لا يستطيع أن يفعل هذا خوفا من غضب العلويين.

بشار الأسد لا يملك خيارا سوى القتال في سهل الغاب بكل ما يملك. هو سيستمر في القتال إلى ما لا نهاية ولن يقبل بسيطرة الجهاديين على السهل. لو قبل بذلك فأتباعه العلويون ربما يتمردون عليه.

لو شكل الجهاديون تهديدا جديا للساحل السوري فسوف يتدخل المجتمع الدولي لدعم بشار الأسد. التدخل سيكون إما عبر صفقة سياسية تؤدي لشرعنة الأسد أو عبر دعم عسكري لقوات الأسد أو عبر الضغط على الدول المناوئة للأسد.

المعركة ضد سهل الغاب والعلويين هي بصراحة مثال رائع على الغباء الاستراتيجي الذي يطبع سلوك المعارضة السورية.

المعارضة السورية لا تستطيع أن تفكر وتخطط. مستوى التفكير والتخطيط لدى هذه المعارضة يشبه مستوى التفكير والتخطيط لدى القرود.

القرود على ما أظن تتعلم من التجارب، في حين أن المعارضة السورية لا تتعلم من التجارب.

المعارضة السورية لم تأخذ العبرة من درس داعش ومغامرتها الفاشلة.

المجتمع الدولي لا يريد لجيش الفتح أن يتمدد ويسيطر على المناطق العربية السنية. لهذا السبب المجتمع الدولي هو (على ما أظن) سعيد بمعارك جيش الفتح ضد العلويين. هذه المعارك لها نتيجتان، النتيجة الأولى هي وأد تجربة جيش الفتح من الناحية العسكرية، والنتيجة الثانية هي وأد المعارضة السورية سياسيا وتعويم بشار الأسد.

رأيان حول “جيش الفتح على خطى داعش… نحو الانتحار الاستراتيجي

  1. نفهم من كلامك ان المعارضة السورية هي داعش والنصرة واحرار الشم واخواتهم ؟هل هؤلاء اصلا معارضة حتى تقيمهم ؟

  2. المعارضة السورية هي داعش والفتح والنصرة
    ومن يقاتل هذه المعارضة هم الشيعة والعلويين والاكراد
    يعني بلساطة معارضة سنية ارهابية

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s