شعر الخوارج

بالأمس رأيت كتابا اسمه “شعر الخوارج” للمؤلف إحسان عباس.

عدد صفحات الكتاب بحدود 270 صفحة، أي أن فيه كمية لا بأس بها من الشعر.

لم أقرأ الكتاب ولكنني تصفحته سريعا. خلال التصفح السريع رأيت العديد من الأشعار الجيدة.

الخوارج على ما أظن كانوا معروفين بالبلاغة وحسن المنطق. ليس من المستغرب أنهم أنتجوا شعرا قويا.

هم كانوا يسمون أنفسهم “الشُّراة” (جمع “شارٍ”، من شَرَى يَشْرِي شراء فهو شارٍ). هذه التسمية هي مأخوذة من الآية القرآنية “وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ”. معنى عبارة “يشري نفسه” في هذه الآية هو “يبيع نفسه”، لأن الشراء في اللغة العربية يمكن أن يعني البيع وليس فقط الشراء. معنى كلمة “الشراة” إذن هو “البائعون”. المقصود هو أنهم باعوا أنفسهم لله.

ما يلي أبيات لأحد الخوارج يسمي نفسه فيها بالشاري:

أنا ابنُ وهب الراسبي الشاري
أَضْرِبُ في القومِ لأخذِ الثارِ
حتى تزولَ دولةُ الأشرارِ
ويرجعَ الحقُّ إلى الأخيارِ

وهذا بيت لشاعر خارجي يحيي الشراة ويذم المقيمين (أي القاعدين أو المتخلفين عن الالتحاق بالشراة):

سَلامٌ على من بايعَ اللهَ شاريًا … وليسَ على الحِزْبِ المُقِيمِ سَلامُ

الروح الاستشهادية هي بادية في شعر الخوارج، كما في الأبيات التالية للبهلول بن بشر الشيباني:

من كانَ يكرَهُ أن يلقى مَنِيَّتَهُ … فالموتُ أشهى الى قلبي من العسلِ
فلا التَقَدُّمُ في الهَيْجاءِ يعجلني … ولا الحِذارُ يُنجيني من الأَجَلِ

[الحِذارُ: الحَذَرُ]

ما يلي لقطري بن الفجاءة:

لا يركنَنْ أحدٌ إلى الإحجامِ … يومَ الوَغَى مُتَخَوِّفًا لحِمامِ
فلقد أراني للرِّماحِ دَرِيئةً … مِنْ عن يميني تارةً وأمامي
حتى خضبت بما تَحَدَّرَ من دمي … أكنافَ سَرْجِي أو عِنانَ لِجامِ

[الحِمامُ: قضاء الموت وقَدَرُه؛ الدَّرِيئة: الحَلْقةُ التي يَتَعَلَّم الرَّامي الطَّعْنَ والرَّمْيَ عليها؛ الأكناف: النواحي]

ما يلي لمعاذ بن جوين يحض أصحابه على القتال والاستشهاد بدلا من التعرض للذبح على يد المغيرة بن شعبة في الكوفة:

ألا أيها الشّارُونَ قَدْ حانَ لامْرَئٍ … شَرَى نَفْسَهُ للهِ أنْ يَتَرَحَّلا
أقمتم بِدارِ الخاطئين جَهالةً … وكلُّ امرئٍ منكم يُصادُ لِيُقْتَلا
فَشُدُّوا على القومِ العُداة فإنما … إقامتكم للذبحِ رأيًا مضَلَّلا
ألا فاقصدوا يا قوم للغايةِ التي … إذا ذُكِرَتْ كانت أَبَرَّ وأعدلا
فيا ياليتني فيكم على ظَهْرِ سابحٍ … شَدِيدِ القُصَيْرى دارِعًا غيرَ أعزلا
ويا ليتني فيكم أُعادي عَدُوَّكم … فيسقيَني كأسَ المنيةِ أوَّلا

[فَرَسٌ سابِحٌ: حَسَنُ مَدِّ اليدين في الجَرْيِ؛ القصيرى: أسفلُ الأضلاعِ؛ رجلٌ دارعٌ: ذو دِرْعٍ]

الخوارج تعرضوا للكثير من المجازر على أيدي الحكام (في عصر علي بن أبي طالب وبعد ذلك في عصر الأمويين). لهذا السبب هناك في شعرهم الكثير من الرثاء والحزن. ما يلي أبيات لعمران بن حطان يرثي قتلى يوم ميجاس (موضع بالأهواز):

وإخوةٍ لهم طابَتْ نفوسُهم … بالموتِ عند التفافِ الناسِ بالناسِ
واللهِ ما تركوا من منبعٍ لهدى … ولا رَضُوا بالهُوَيْنا يومَ ميجاسِ
أتعجزون وترجون اللحاقَ بهم؟ … أنَّى يكونُ ذوو عجزٍ كأكياسِ؟

[ التفافُ الناسِ: يريد اختلاطهم؛ الهُوَيْنا: يريد الهوان]

إحدى أهم المجازر التي تعرض لها الخوارج هي مجزرة آسَك في سنة 61 هجرية (تعريف آسَك في معجم البلدان: هو بلد من نواحي الأهواز قرب أزجان بين أرجان ورامهرمز). هذه المجزرة بدأت بانتصار لأربعين مقاتلا من الخوارج على جيش أموي فيه ألفا مقاتل، وفي ذلك قال عيسى بن فاتك:

أَأَلفـا مُؤمـنٍ فيمـا زعمتم … ويَهْزِمُهم بآسَكَ أربعونا؟
كذبتم، ليس ذاك كما زعمتم … ولكنَّ الخوارجَ مؤمنونا
هم الفئةُ القليلةُ غيرَ شَكٍّ … على الفئةِ الكثيرةِ يُنْصَرُونا

بعد هذا الانتصار وصل جيش أموي آخر وارتكب مجزرة بحق الأربعين خارجيا. هذه المجزرة هي للخوارج مثل مجزرة كربلاء للشيعة، خاصة وأن أحد من قتلوا فيها هو أبو بلال مِرداس بن أُدَية، الذي هو أحد أهم أئمة الخوارج. ما يلي أبيات لعمران بن حطان يرثي مرداسا:

أصبحتُ عن وَجَلٍ مني وإيجاسِ … أشكو كُلُومَ جِراحٍ ما لها آسي
يا عينُ ابكي لمِرْداسٍ ومصرعــِه … يا ربَّ مِرْداسٍ ألحِقْنِي بمرداسِ
تركتني هائما أبكـي لِمَرْزِئَتِـي … في منزلٍ مُوحِشٍ من بعدِ إيناسِ
أَنْكَرْتُ بَعْدَكَ ما قد كنتُ أعْرِفُه … ما الناسُ بَعْدَكَ يا مرداسُ بالناسِ

[الوَجَلُ: الفزع؛ الإيجاس: التوجس؛ الكلوم: الجروح؛ الآسي: المعالِجُ؛ الـمَرْزِئةُ: الـمُصِيبةُ؛ أَنْكَرْتُ: جَهِلْتُ]
*********
لقد زاد الحيــاةَ إليَّ بُغضًــا … وحُبـًّـا للخُروجِ أبو بــلالِ
وعُرْوةُ بَعْدَهُ، سَقْيًا ورَعْيًا … لِعُرْوةَ ذِي الفضائلِ والمعالي
أُحاذِرُ أن أموتَ على فراشي … وأرجو الموتَ تحتَ ذُرى العوالي
ولو أني علمت بأن حَتْفِي … كحَتْفِ أبي بلالٍ لم أبالِ
فمن يكُ هَمُّـه الدنيــا فإنـي … لها واللهِ ربِّ البيتِ قــالِ

[الذُرى: جمع الذِرْوَةِ؛ العوالي: أعالي الرِّماحِ؛ الحتف: الموت؛ قالٍ: اسم فاعل من قلى يقلي بمعنى كَرِهَ يكرَهُ]

ما يلي شعر لامرأة من الخوارج:

مَنْ لِعَيْنٍ رَيّا من الدمعِ عَبْرى … ولنفسٍ من المصائبِ حَرَّى
أَفْسَدَتْ عَيْشَنا صُروفُ الليالي … ووِقاعٌ من الكتائبِ تترى
كلما سَكَنَتْ حرارةُ وَجْدٍ … مِن فقيدٍ منا تجينا بأُخرى

[عينٌ رَيّا وعَبْرى: مبللة بالدمع؛ حرَّى: حارّة، تريد حزينة؛ الوِقاعُ: خوض المعارك؛ تَتْرى: مُتَواتِرة؛ الوجد: الحزن]
***
يا عين جودي بالدموع … وابكي بجهد المستطيعِ
يا موتُ ويحكَ ما تزا … لُ مفرِّقًا بين الجميعِ
أبكي وما يُغني التلهفُ … والبكاء عن الجزوعِ

طبعا من المعروف أن أكبر وأشنع مجزرة تعرض لها الخوارج هي مجزرة النهروان في زمن علي بن أبي طالب.

قال شريح بن أوفى يرتجز يوم النهروان:

أقتلُهم ولا أرى عليًّا
ولو بدا أَوْجَرْتُهُ الخَطِّيّا

[أَوْجَرْتُ فلانًا بالرمح: طعنته به في صدره؛ الخَطِّيُّ: الرمح المنسوب إِلى خَطِّ هَجَرَ]
***
أضرِبُهم، ولو أَرَى أبا حَسَنْ
ضربته بالسيفِ حتى يطمئن

[يطمئن: يسْكُنُ، يريد يموت]

بسبب مجزرة النهروان حقد الخوارج على علي بن أبي طالب، وهناك في أشعارهم مديح لقاتل علي، الذي هو عبد الرحمن بن مُلجَم المُرادي (كلمة “ملجم” تلفظ بضم الميم وفتح الجيم).

هناك روايات عديدة حول عبد الرحمن بن ملجم. بعض الروايات تقول أن ابن ملجم واثنين آخرين من الخوارج اجتمعوا في الحج وقرروا قتل علي ومعاوية وعمرو بن العاص لإراحة الأمة من شرهم، وهناك روايات تحمل مسؤولية قتل علي لامرأة اسمها قَطامِ (بفتح القاف وكسر الميم). حسب الروايات فإن ابن ملجم أراد الزواج من هذه المرأة الجميلة، وهي قالت له أن مهرها هو ثلاثة آلاف درهم وعبد وقينة وقتل علي.

السؤال هو كيف سيتزوج ابن ملجم من “قطام” بعد أن يقتل عليا؟ مهمة قتل علي كانت عملية فدائية استشهادية. ابن ملجم كان يعلم أنه سيموت بعد قتله لعلي. ليس من المعقول أنه فعل هذا الأمر لكي يتزوج قطام.

ابن ملجم لم يكن عاشقا ولهانا. هذا الرجل كان تقيا ورعا كما يتضح من سيرته ومن الكلام الذي قاله أثناء تعذيبه.

قصة قطام تذكرني بقصة حواء التي أغوت آدم. من الوارد أن كل هذه القصة هي قصة خرافية، خاصة وأن شخصية قطام هي شخصية غامضة (هناك ثلاث روايات مختلفة حول اسمها: قيل أنها قطام بنت الأضبع التميمي، وقيل أنها قطام بنت علقمة، وقيل أنها قطام بنت شِجْنة. هذا التعدد والاختلاف يوحي بأنها شخصية خرافية).

من الوارد حتى أن ابن ملجم لم يكن من الخوارج، وهذا هو السبب الذي جعل البعض يفبركون قصة قطام لكي يبرروا ما فعله.

في أنساب البلاذري هناك أبيات للشاعر النجاشي يقول فيها “أننا دسسنا ابن ملجم للحية” (يقصد عليا). هذا الشاعر يقصد أن يقول أن معاوية دس ابن ملجم لقتل علي، ولكن هذا ربما يكون مجرد تبجح فارغ:

كنا إذا ما حَيّةٌ أَعْيَتْ [الرُّقاةَ] … وآبت [بِصِرٍّ] يقطرُ السُّمَّ نابُها
دَسَسْنا لَهَا تحت العَجاجِ ابنَ مُلْجَمٍ … [جريئًا] إذا ما جاء نفسًا كتابُها

[آبت: رجعت؛ بِصِرٍّ: يريد التصويت والحركة؟ العَجاج: الغبار أو الدخان؟]

ما يلي أبيات لخوارج حول مقتل علي:

أبا حَسَنٍ خُذْها على الرأسِ ضَرْبةً … بَكَفٍّ كريمٍ بَعْدَ مَوْتٍ ثَوابُها
***
علاهُ بالعمودِ أخو تجوب … فأوهى الرأسَ منه والجَبِينا

ما يلي أبيات لابن مياس المرادي:

ونحن ضَرَبْنا، يا لكَ الخيرُ، حيدرًا … أبا حَسَنٍ مَأْمُومةً فَتَفَطَّرا
ونحن حَلَلْنا مُلْكَهُ عَن نِصابِهِ … بضربةِ سَيْفٍ إذ علا وتَجَبَّرا
ونحنُ كِرامٌ فِي الصباحِ أعِزّةٌ … إذا الموتُ بالموتِ ارتدى وتأزَّرا

[المَأْمُومةُ: الشَّجّةُ التي تبلغُ سحايا الدماغ]
***
ولَمْ أرَ مَهْرًا ساقَهُ ذُو سَماحةٍ … كَمَهْرِ قَطامِ مِنْ فَصِيحٍ وأَعْجَمِ
ثلاثةُ آلافٍ وعَبْدٌ وقَيْنةٌ … وضَرْبُ عَليٍّ بالحُسامِ المُصَمِّمِ
فلا مَهْرَ أغلى مِنْ عَلِيٍّ وإن غلا … ولا فَتْكَ إلا دُونَ فَتْكِ ابنِ مُلْجَمِ

[السماحة: الجود والكرم؛ القَيْنةُ: الأَمَةُ المُغَنِّيةُ؛ المُصَمِّمُ من السُّيوفِ: الذي مَرَّ في العِظامِ]

ما يلي لعمران بن حطان في مدح ابن ملجم:

للهِ دَرُّ الْمُرادِيِّ الَّذِي سَفَكَتْ … كَفّاهُ مُهْجةَ شَرِّ الْخَلْقِ إنْسانًا
أَمْسَى عَشِيّةَ غَشّاهُ بِضَرْبَتِهِ … مِمّا جَناهُ مِنَ الْآثامِ عُرْيانًا
يا ضَرْبةً مِنْ تَقِيٍّ ما أَرادَ بِها … إلّا لِيَبْلُغَ مِنْ ذِي الْعَرْشِ رِضْوانًا
إنِّي لَأَذْكُرُهُ يَوْمًا فَأَحْسِـبُهُ … أَوْفَى الْبَرِيَّةِ عِنْدَ اللهِ مِيزانًا
أَكْرِمْ بِقَوْمٍ بُطُونُ الطَّيْرِ أَقْبُرُهُمْ … لَمْ يَخْلِطُوا دِينَهُمْ بَغْيًا وَعُدْوانًا

[المُهْجةُ: الدَّمُ]

في البيت الأخير عمران يقول “أكرم بقوم بطون الطير أقبرهم”. هذا الكلام يوحي بأن جثة ابن ملجم صلبت أو ألقيت في العراء حتى أكلها الطير، ولكن الروايات تدل على أن آل البيت عذبوا ابن ملجم بتقطيع أطرافه وهو حي ثم بعد ذلك أحرقوه بالنار (من أنساب البلاذري):

قَالُوا: وَكَانَ ابْن ملجم رجلا أسمر حسن الوجه أبلج، شعره من شحمة أذنيه، مسجدا- يعنون أن فِي وجهه أثر السجود- فلما فرغ من أمر علي ودفنه، أخرج إِلَى الحسن ليقتله، فاجتمع الناس وجاؤا بالنفط والبواري والنار فَقَالُوا: نحرقه. فَقَالَ ولده وعبد اللَّه بْن جعفر دعونا نشف أنفسنا منه. فقالت أم كلثوم بنت علي: يَا عدو اللَّه قتلت أمير الْمُؤْمِنِينَ؟ قَالَ: لو كَانَ أميرَ الْمُؤْمِنِينَ مَا قتلتُه. ثُمَّ بدر عبد الله بن جعفر فقطع يديه ورجليه وَهُوَ ساكت لا يتكلم ثُمَّ عمد إِلَى مسمار محمي فكحل بِهِ عينيه فلم يجزع وجعل يقول: كحلت عمك بملول له مضّ، ثُمَّ قرأ: «اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ» حتى فرغ مِنْهَا وعيناه تسيلان، ثُمَّ عولج عَن لسانه ليقطع فجزع ومانعهم فقيل لَهُ: أجزعت؟ قَالَ: لا ولكني أكره أن أبقى فواقا- أو قال: رفغا- لا أذكر الله فيه بلساني. فقطعوا (لسانه) ثُمَّ إنهم جعلوه فِي قوصرة كبيرة ويقال: فِي بواري وأحرق بالنار، والعباس بن علي يومئذ صغير لا يستأن بلوغه.

[البُورِيُّ: الحصير المعمول من القصب؛ القَوْصَرَة والقَوْصَرَّةُ: وعاء من قصب يرفع فيه التمر من البَوارِي]

خلاصة القصة هي أن أنصار علي أرادوا في البداية أن يحرقوا ابن ملجم بالنار (على عادة علي مع الخوارج)، ولكن آل البيت رفضوا ذلك وقاموا بتقطيع أطراف ابن ملجم وهو ساكت لا يتكلم، ثم سملوا عينيه بالنار فقرأ ابن ملجم آية قرآنية، ثم أتوا إلى لسانه ليقطعوه فجزع ابن ملجم لأن قطع لسانه سيمنعه من ذكر الله! فقطعوا لسانه ثم أحرقوه بالنار.

لا أدري من هو المؤمن ومن هو الكافر في هذه القصة. ما يبدو لي هو أن آل البيت هم الكفار وليس ابن ملجم.

هذه القصة لا تدل على أن الطير أكل جثة ابن ملجم. أظن أن عبارة “أكرم بقوم بطون الطير أقبرهم” تشير إلى أشخاص آخرين من الخوارج تعرضوا للصلب أو لتقطيع أوصالهم وإلقائها في العراء. أشعار الخوارج تدل على أن مثل هذه الممارسات كانت شائعة.

ما يلي شعر لأبي بلال مرداس يتحدث فيه عن تقطيع الأوصال والتمثيل بالجثث:

ما إن نُبالي إذا أرواحُنا خَرَجَـتْ … ماذا فعـلتم بأجسـادٍ وأوصـالِ
نرجو الجِنانَ إذا صارت جماجمُنا … تحتَ العَجاجِ كمثلِ الحَنْظَلِ البالي
إني امرؤٌ باعثي ربي لموعـدِه … إذا القلوبُ هَوَتْ من خوفِ أهوالِ
وأدَّتْ الأرضُ منِّي مثلَ ما أخذت … وقُرِّبَتْ لحسابِ القسطِ أعمالي

ما يلي شعر شبيه لعبد الله بن أبي الحوساء الكلبي:

ما إن أبالي إذا أرواحُنا قُبِضَتْ … ماذا فعـلتم بأوصالٍ وأبشارِ
تجري المجرَّةُ والنَّسْرانِ عن قَدَرٍ … والشمسُ والقمرُ الساري بمقدارِ
وقد علمتُ وخيرُ القولِ أنفعُهُ … أنَّ السعيدَ الذي ينجو من النارِ

[أبشارٌ: جمعُ بَشَرٍ، يريد ربما الأشلاء؛ النَّسْرانِ: كوكبان في السماء]

ما يلي لفروة بن نوفل الأشجعي يتحدث عن قصة الخوارج مع علي. في الأبيات السفلى هناك إشارة لالتهام الطير للأجساد:

كَرِهْنا أن نُريقَ دمًا حلالًا … وهيهاتِ الحرامُ من الحلالِ
وقلنا في التي […] بقولٍ … معاذَ اللهِ من قيلٍ وقالِ
نقاتلُ من يقاتلُنا ونرضى … بحُكمِ اللهِ لا حُكمِ الرجالِ
وفارَقْنا أبا حَسَنٍ عَلِيًّا … فما مِنْ رَجْعَةٍ أُخْرى الليالي
فَحَكَّمَ في كِتابِ اللهِ عَمْرًا … وذاكَ الأَشْعَرِيَّ أخا الضَّلالِ
***
هم نصبوا الأجسادَ للنَّبْلِ والقَنا … فلم يبق منها اليومَ إلا رميمُها
تظلُ عِتاقُ الطَّيْرِ تَحْجُِلُ حولَهم … يُعَلَّلْنَ أجسادًا قَلِيلًا نَعِيمُها
لِطافًا بَراها الصَّوْمُ حتى كأنَّها … سيوفٌ إذا ما الخيل تدمى كُلُومُها

[النَّبْلُ: السِّهامُ؛ القَنا: الرِّماحُ؛ الرميم: العظام البالية؛ عِتاقُ الطيرِ: العِقْبانُ؛ تَحْجِلُ أو تَحْجُلُ: تمشي؛ يُعَلَّلْنَ: يُطْعَمْنَ؛ قَلِيلًا نَعِيمُها: يريد ربما قليلة اللحم؟ لِطافًا: يريد نحيلة أو ضامرة]

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s