أنا كتبت سابقا أن مدينة تدمر تصلح كعاصمة لسورية.

الضجة التي أحدثتها سيطرة داعش على تدمر تدل على أن هذه بالفعل مدينة مهمة واستراتيجية.

تدمر تقع في وسط سورية تماما. هي قريبة من كل المحافظات والمناطق. في نفس الوقت هي معزولة نسبيا، أي أنها ستكون حيادية في حال كانت عاصمة.

هي ليست مدينة صغيرة. بعض وسائل الإعلام زعمت مؤخرا أن عدد سكان تدمر هو 30 ألف، ولكن العدد الحقيقي يفوق 100 ألف، أي أن حجمها لا يقل عن حجم مدينة درعا.

من الناحية التاريخية تدمر هي مدينة مهمة. قبل الإسلام هي كانت أهم من دمشق.

أنا أطالب بأن تكون تدمر مستقبلا عاصمة سورية. هذا الاقتراح هو منطقي وليس فيه أية غرابة.

هذا الاقتراح من شأنه الحفاظ على وحدة سورية وتحقيق الاستقرار فيها. وجود الحكومة في دمشق يجعلها منحازة للدمشقية السياسية، وهذا يثير حفيظة معارضي الدمشقية السياسية ويؤدي إلى صراعات وعدم استقرار. أنا أتوقع أن تظهر في المستقبل مطالبات بالفدرالية وحتى التقسيم كرد فعل على الدمشقية السياسية. لو كان أنصار الدمشقية السياسية حريصين بالفعل على وحدة سورية (كما يدعون) فهم يجب أن يوافقوا على نقل مقرات الحكومة إلى مدينة محايدة.

مدينة تدمر هي مدينة محايدة ومركزية واستراتيجية. العاصمة لا يجب أن تكون مدينة ضخمة. تركيز الموظفين الحكوميين في العاصمة هو مجرد حماقة من حماقات الدمشقية السياسية (الدمشقية السياسية كانت تتعمد تكديس السكان في دمشق لكي تبرر كون دمشق عاصمة ولكي تبرر نقل الأموال من المحافظات الأخرى إلى دمشق). في المستقبل يجب ألا يتم تكديس المؤسسات الحكومية المركزية في مدينة واحدة.

إحدى مصائب الدمشقية السياسية هي أنها سعت بكل الطرق لتكبير وتضخيم مدينة دمشق. هذا الأمر كانت له كلفة عالية جدا على الاقتصاد السوري.

في المستقبل القرارات الاقتصادية والتنموية الكبيرة يجب ألا تتخذ في دمشق. هكذا قرارات مصيرية يجب أن تتخذ في مكان محايد وعلى أساس علمي. الأشخاص الذين سيرسمون الخطط التنموية يجب أن يضعوا نصب أعينهم مصلحة الشعب السوري. المصيبة التي عانت منها سورية تاريخيا هي أن القرارات الكبيرة والمصيرية لم تكن تتخذ على أساس مصلحة الشعب وإنما على أساس مصلحة الدمشقية السياسية (التي كانت في الغالب تتعارض تماما مع مصلحة الشعب).