مقال في Wall Street Journal يدعو إدارة أوباما لدعم إقامة دولة كردية

هذا المقال يعبر فقط عن وجهة نظر كاتبه، ولكنه نشر في صحيفة أميركية هامة.

القسم الأول من المقال هو عبارة عن نقد شديد لنوري المالكي الذي يصفه كاتب المقال بأنه “شيعي شوفيني”. هو يتهمه بتدمير الثقة بين السياسيين السنة والشيعة عبر سياساته التي استهدفت السياسيين السنة من قبيل طارق الهاشمي ورافع العيساوي.

كاتب المقال ينتقد اعتماد نوري المالكي على الميليشيات الشيعية وإطلاق يد هذه الميليشيات في بغداد بحجة التصدي للخلايا الداعشية النائمة.

(على الهامش: جرائم الميليشيات الشيعية لا يمكن لأحد إنكارها. قبل يومين قرأت عما فعلته الميليشيات الشيعية في بلدة العوجة وقبر صدام. ما هي علاقة هذه الممارسات بالتصدي لداعش؟)

الكاتب بعد ذلك ينتقد تشبث المالكي بمنصبه، لأن هذا الأمر يجعل المصالحة مع السنة أمرا مستحيلا.

الكاتب لديه رأي متشائم بخصوص الشيعة بشكل عام:

Even if another Shiite politician replaces Mr. Maliki, a Shiite-led Iraqi government will always be beholden to Iran for the sustained assistance it needs.

الكاتب يرى أن أية حكومة يرأسها شيعي سوف تكون معتمدة على إيران وبالتالي مقيدة بها.

الكاتب يحمل إيران بشكل غير مباشر مسؤولية الفتنة الشيعية-السنية. هذا الرأي هو صحيح تماما. السبب الأساسي للفتنة الشيعية-السنية في العراق هو إيران.

إيران هي السبب الرئيسي لتقسيم العراق.

هذا أمر غريب، لأن تقسيم العراق يضر بإيران نفسها، ولكن الهياج الطائفي الذي يسيطر على عقول القادة الإيرانيين يمنعهم من رؤية ذلك.

القادة الإيرانيون يظنون أن حل المشكلة العراقية هو ممكن عبر قتل العرب السنة وإخضاعهم بالقوة.

هذا هو نفس المنطق الذي طبقوه في الكيان السوري.

عودة مجددا إلى مقال الكاتب الأميركي. هو إذن وجه انتقادات كبيرة للمالكي، وبعد ذلك عبر عن يأسه من الشيعة بشكل عام. انطلاقا من ذلك هو يدعو إدارة أوباما إلى تسليح إقليم كردستان وتسهيل شراء النفط منه تمهيدا لفصله عن العراق. الكاتب يرى أن التقسيم الإثني هو الحل الأنسب للشرق الأوسط بشكل عام وليس فقط العراق.

لو قرأت هذا المقال قبل ثلاث سنوات لكنت اعتبرته معاديا لشعوب المنطقة، ولكنني الآن لا أراه كذلك. في الحقيقة هذا المقال يبدو منطقيا في ظل الأوضاع الحالية.

أوضاع العراق وسورية باتت سيئة جدا. بعض الناس الذين يتابعون الإعلام الإيراني وإعلام بشار الأسد ونوري المالكي ربما لا يفهمون حقيقة الوضع الموجود الآن في سورية والعراق.

في سورية والعراق هناك تقسيم فعلي. ما يسمى بالوحدة الوطنية انهار ولم يعد موجودا.

بشار الأسد قتل أكثر من مئة ألف سوري وهجر الملايين من السوريين ومسح مدنا بكاملها، بما في ذلك مدينة حلب التي كانت قبل الثورة أكبر مدينة في الكيان السوري.

المعارضون السوريون لا يحملون هذه الجرائم لبشار الأسد ولكنهم يحملونها للعلويين والشيعة.

التعايش بين المعارضين السوريين وبين العلويين والشيعة صار أمرا صعبا جدا، إذا لم نقل مستحيلا.

ظاهرة داعش لم تنشأ من فراغ. هذه الظاهرة هي مرتبطة بنحو أو بآخر بمعارضة قطاع من العرب السنة للأنظمة الحاكمة في العراق وسورية، والتي هي مدعومة بشدة من إيران.

الثورة السورية كانت في الأصل مؤامرة على إيران، ولكن إيران لم تحسن التصدي لهذه المؤامرة. ما فعلته إيران في سورية فاقم من خسارتها بدلا من أن يحد منها.

والأسوأ هو أن إيران تطبق نفس السياسة في العراق أيضا.

لا توجد جهة قادرة على إعادة بناء الكيان السوري بشكله القديم. هذا أمر مستحيل.

إيران لن تتمكن من إخضاع معارضيها من العرب السنة، والمعارضون من العرب السنة لن يتمكنوا من إخضاع العلويين. المعارضون السوريون هم غير مؤهلين لحكم العلويين. لو تم تسليط المعارضين السوريين على العلويين فسوف تحدث انتهاكات كبيرة لحقوق الإنسان وسوف يكون اضطهاد ممنهج وجرائم ضد الإنسانية.

لا توجد وسيلة واقعية لجمع المعارضين السوريين مع العلويين في كيان واحد على غرار الكيان السوري البائد.

نفس الأمر ينطبق أيضا على الأكراد. المعارضون السوريون أثبتوا أنهم غير مستعدين لمنح أي تنازل للأكراد. هذا سيدفع الأكراد للسير في طريق شبيه بالطريق الذي سار فيه أكراد العراق.

انضمام الأكراد السوريين إلى أكراد العراق هو أمر وارد من حيث المبدأ. العائق الوحيد الذي يمنع هذا السيناريو هو الانقسامات الحزبية بين الأكراد أنفسهم. لو تم تخطي هذا العائق فلن يكون هناك ما يمنع الاندماج بين أكراد سورية وأكراد العراق.

في النهاية سنصل إلى سيناريو التقسيم الإثني والطائفي الذي يتحدث عنه كاتب المقال الأميركي.

هذا السيناريو لا يجب أن يكون كارثة مطلقة.

هو يمكن أن يكون كارثة مطلقة إذا كان تحقيقه سيمر عبر الحروب والدماء والتهجير.

ولكن لو تم تحقيقه عبر الاتفاق والتفاهم فإن الأضرار ستقل.

المشكلة هي أن العرب السنة المدعومين من تركيا وآل سعود والشيعة المدعومين من إيران لا يريدون الاتفاق والتفاهم.

إصرارهم على الحرب وإخضاع الآخرين بالقوة هو كارثة أكبر من كارثة التقسيم ذاتها.

حتى لو تقسمت المنطقة إلى أقاليم فهذا لا يعني بالضرورة إغلاق الحدود ومنع انتقال الأفراد ومنع التجارة.

التقسيم الطائفي بحد ذاته لن يؤدي بالضرورة إلى الفقر والتخلف.

ما سيؤدي إلى الفقر والتخلف الأبدي هو الحروب والنزاعات والحدود المغلقة والعلاقات الاقتصادية المقطوعة.

إذا لم تكن هناك علاقات سياسية واقتصادية بين الأقاليم الطائفية فسوف تكون المنطقة في وضع سيء جدا.

أما إذا كان هناك اتحاد اقتصادي وشكل من الاتحاد السياسي فسوف تكون الأضرار أقل.

من يريد مصلحة الناس يجب أن يوقف الحرب في أسرع وقت ممكن ويجب أن يتخلى عن الغطرسة ومحاولة إخضاع الآخرين بالقوة.

لا يمكن لبشار الأسد أن ينتصر على معارضيه، ولا يمكن للمعارضين السوريين أن ينتصروا على العلويين والأكراد، ولا يمكن للشيعة أن ينتصروا على السنة، ولا يمكن للأكراد أن ينتصروا على العرب.

مفهوم انتصار طائفة على طائفة هو ليس الحل الصحيح.

الحل الصحيح هو الجلوس على طاولة مفاوضات والتوصل إلى تسويات يقبل بها الجميع.

من يجلس على طاولة المفاوضات يجب أن يكون مقبولا من الأطراف الأخرى. لا يمكن لبشار الأسد ونوري المالكي أن يجلسا على طاولة المفاوضات.

نوري المالكي يجب أن يستقيل من رئاسة الحكومة، وبشار الأسد يجب أن يسلم نفسه إلى محكمة تسائله عن عشرات آلاف القتلى وملايين المهجرين.

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

صورة تويتر

أنت تعلق بإستخدام حساب Twitter. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s