أصل كلمة “الصليبيين”

من يتابع الإعلام الوهابي الجهادي سوف يسمع كثيرا كلمة “الصليبيين”.

في السابق كنت أظن أن الوهابيين يطلقون هذا المسمى على الأوروبيين والأميركيين، ولكنني لاحظت في الآونة الأخيرة أنهم يطلقونه أيضا على المسيحيين الموجودين في البلاد العربية.

في هذا المقال سأوضح باختصار أصل كلمة “الصليبيين” التي يستخدمها الوهابيون.

هذه الكلمة هي كلمة حديثة العهد لم تكن معروفة لدى العرب قبل العصر الحديث.

لم يرد في النصوص الإسلامية القديمة وصف المسيحيين (سواء كانوا محليين أم أوروبيين) بالصليبيين.

كلمة “الصليبيين” ظهرت لأول مرة في القرن 20 أو القرن 19.

كثير من المصطلحات العربية التي ظهرت في هذين القرنين هي في الحقيقة مجرد ترجمات لمصطلحات أوروبية، وهذا هو حال مصطلح “الصليبيين”. هذا المصطلح هو  في الحقيقة مجرد ترجمة لمصطلح crusaders الأوروبي.

حسب القواميس الأوروبية فإن كلمة crusaders تطلق على المقاتلين الأوروبيين الذين شاركوا في الحملات الصليبية بين القرنين 11 و13. هذا هو أيضا الاستخدام المعتاد لكلمة “صليبيين” في اللغة العربية المعاصرة.

لا أحد من العرب المعاصرين يطلق مسمى “صليبيين” على المسيحيين سوى الوهابيين. كل الكتابات العربية غير الوهابية التي تستخدم مصطلح “صليبيين” تقصد به حصرا المقاتلين الأوروبيين الذين شاركوا في الحملات الصليبية.

حسب ويكيبيديا فإن مصطلح crusade الأوروبي هو أيضا مصطلح حديث. هذا المصطلح ورد لأول مرة في كتاب فرنسي نشر في عام 1638 اسمه L’Histoire des Croisades للمؤلف A. de Clermont.

المصطلح هو مشتق من كلمة crux اللاتينية التي تعني “صليب”.

في زمن الصليبيين أنفسهم كلمة crusade لم تكن معروفة. الصليبيون لم يكونوا يسمون أنفسهم بالصليبيين ولكنهم كانوا يسمون أنفسهم بأسماء متعددة منها fideles Sancti Petri (المخلصون للقديس بطرس) و milites Christi (جنود المسيح).

إطلاق تسمية crusaders على الصليبيين هو مرتبط بطقس ديني كانوا يمارسونه. الصليبيون كانوا يأتون إلى بيت المقدس كحجاج. قبل الانطلاق في رحلة الحج كانوا يقسمون نذرا لله بأنهم سيسيرون حتى يأتوا بيت المقدس. بعد هذا القسم كانوا يأخذون صليبا من القماش ويخيطونه على ملابسهم. من هنا جاء إطلاق مسمى “صليبيين” عليهم.

المسلمون كانوا يطلقون على الصليبيين مسمى “الإفرَنج” أو “الفِرَنجة”. هذه الكلمة هي مأخوذة من كلمة Franks الأوروبية (التي هي اسم لقبيلة جرمانية Germanic أسست مملكة في غرب أوروبا بعد انهيار الإمبراطورية الرومانية الغربية في القرن الخامس). حسب موسوعة الإسلام فإن المسلمين أخذوا كلمة إفرنج من البيزنطيين على الأغلب. هذه الكلمة كانت تطلق في الأصل على سكان مملكة Charlemagne الإفرنجية ولكن معناها تعمم وصارت تطلق على كل الأوروبيين ما عدا الإسبانيين والسلافيين والإسكندنافيين.

مما سبق يتبين أن كلمة “الصليبيين” هي ليست تسمية للمسيحيين، وخاصة المحليين منهم. إطلاق تسمية الصليبيين على المسيحيين هو مجرد بدعة وهابية. الوهابيون يزعمون أنهم ضد البدع، ولكن الحقيقة هي أن دينهم بكامله هو قائم على البدع. معظم الأمور التي تميز الوهابيين عن غيرهم من المسلمين هي أمور لم تكن معروفة في العالم الإسلامي قبل ظهور الوهابيين.

الدين الوهابي هو بالمناسبة دين حديث العهد. الفرقة الوهابية ظهرت لأول مرة في القرن 18، أي أنها ظهرت في العصر الحديث.

لهذا السبب فإن كثيرا من خصائص الدين الوهابي تبدو خصائص حديثة العهد لا علاقة لها بالتاريخ الإسلامي.

الوهابيون هم أول فرقة إسلامية دمرت المزارات والمواقع الأثرية، وهم أول فرقة سعت لإبادة مخالفيها.

الشيعة هم موجودون في العالم الإسلامي منذ العصر الأموي، ولكن حسب علمي لا يوجد أي حاكم سني سعى لإبادة الشيعة.

أول فرقة إسلامية سعت لإبادة الشيعة هي الفرقة الوهابية.

أحد ملوك المماليك حاول أيضا أن يبيد الشيعة، ولكنه فعل ذلك بتحريض من ابن تيمية، الذي هو الأب الروحي للوهابيين.

بعيدا عن ابن تيمية وأتباعه الوهابيين لا يوجد في تاريخ الإسلام فرقة سعت لإبادة الشيعة أو غيرهم.

الإبادة والتطهير العرقي هي أمور غير مألوفة في التاريخ الإسلامي. هذه الأمور حصلت في أوروبا وفي مناطق أخرى من العالم، ولكنها لم تحصل عند المسلمين.

الوهابيون هم أول من أدخل هذه الجرائم إلى العالم الإسلامي.

Wahhabis

رأي واحد حول “أصل كلمة “الصليبيين”

  1. عزيزي هاني
    فعلا كلمة الصليبيين لم تكن متداولة في زمن “الحروب الصليبية”.ورد في المرااجع العربية في تلك الحقبة تسمية “الفرنجة” وفي المصادر الاوروبية في الحقبة نفسها “الحجاج” اي pilgrims.كما ذكرت بدأ استعمال كلمة صليبي في القرن الثامن عشر وذلك لاضفاء طابع اخلاقي وديني على الاستعمار الاوروبي اي البريطاني والفرنسي والاسباني والبرتغالي كون كلمة صليبيcrusader تستعمل لوصف فاعل الخير (تذكر عندما استعمل الرئيس بوش كلمة crusader وهو يقصد فعل الخير فقامت القيامة عليه وذلك قبل حملة افغانستان).عندها سموا حروب الفرنجة الحروب الصليبية وبالطبع ترجمها الباحثون العرب واستعملوها من دون ان يدركوا عواقب استعمال هذا المصطلح.اول العواقب اضفاء الطابع الطائفي الاسلامي المسيحي لحروب الفرنجة فيما كان المسيحيون العرب هدفا لغزوات الفرنجة وكانت الحملة الرابعة تستهدف مسيحيي الشرق وبيزنطة,فضلا على ان معظم المسيحيين قاتلوا الفرنجة .جاء هذا المصطلح ووضعهم في دائرة الاتهام بالتعامل مع الغرب.رغم مفكري القومية العربية من ميشال عفلق والياس فرح وجورج انطونيوس ,وجورج حبش وجورج حاوي وغيرهم ما زال المسيحيون العرب في دائرة الاتهام خصوصا من عملاء اميركا مثل الوهابيين والاخوان المسلمين والقاعدة الذين يستخدمون المصطلح بشكل دائم.

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s