نشرت جريدة “الأخبار” مقالا حول محافظة حلب وأسباب الثورة فيها.
هذا المقال يستحق أن يوصف بأنه جزء من حملة التضليل الإعلامي المتعلقة بحلب.
المقال يتحدث عن ريف حلب كما لو أنه محافظة منفصلة عن مدينة حلب.
المقال يوهم القارئ بأن وضع مدينة حلب قبل الثورة كان ممتازا، بخلاف وضع ريف حلب.
الحقيقة هي أن وضع مدينة حلب التنموي كان أسوأ حتى من وضع ريف حلب.
الأرقام التي وردت في المقال هي أرقام مضللة وغير صحيحة.
هذا مقال متعلق بالموضوع نشر قبل 3 سنوات:
http://www.syria-news.com/readnews.php?sy_seq=137548
من جهته كشف مدير المعهد العام جورج حلاق في عرضه التقديمي حول المشروع عن وجود “نسبة كبيرة جداً من غير المتعلمين في حلب تتجاوز الـ 40%”، معتبراً ذلك “بالكارثة”.وحسب الإحصائيات فإن “نسبة الجامعيين في حلب هو 3.4% من مجموع السكان، وخريجي المعاهد 2.9%، حاملي الشهادة الثانوية 9.2%، حاملي الشهادة الإعدادية 13.9%، وحاملي الشهادة الابتدائية 29.2%، في حين بلغت نسبة غير المتعلمين 41.6%”.
هذه الأرقام تتعارض مع الأرقام المضللة التي وردت في مقال جريدة الأخبار.
الرقم الرسمي لنسبة الأمية في حلب هو 41%، ولكن الرقم الحقيقي هو أعلى من ذلك.
نسبة الأميين في محافظة حلب لا تقل عن نصف عدد السكان.
في حين أن نسبة الأمية في دمشق وريفها هي صفر بالمئة.
أيضا نسبة الأمية في درعا هي صفر بالمئة.
معظم المحافظات السورية هي خالية من الأمية، ولكن نسبة الأمية في محافظة حلب هي تقريبا 50%.
هذا مجرد مثال على التخلف التنموي لمحافظة حلب. لو أردنا استعراض وضع الصحة والبنية التحتية والاقتصادية وبقية المؤشرات التنموية لظهرت لنا نتائج مشابهة.
ليس صحيحا أن المشكلة تنحصر في الريف. وضع مدينة حلب التنموي هو وضع مزر ولم يكن يقل سوءا عن الريف.
الفرق الوحيد بين حلب وريفها هو وجود رؤوس الأموال في حلب.
رؤوس الأموال تحرك العجلة الاقتصادية. لهذا السبب البطالة في مدينة حلب كانت أقل من الريف.
هذا هو الفرق الوحيد بين حلب وريفها. طبعا هذا الفرق ليست له علاقة بالكيان السوري ولكنه يعود لعوامل موروثة تعود إلى العصر العثماني.
رؤوس الأموال كانت موجودة في حلب منذ العصر العثماني وهي لم تنشئ في ظل الكيان السوري.
سبب تخلف حلب عن بقية مناطق الكيان السوري يعود إلى سياسات الكيان ويعود أيضا إلى بنية الكيان.
سياسات الكيان السوري تنظر إلى محافظة حلب على أنها مستعمرة. سياسات الكيان السوري لا تساعد على تنمية محافظة حلب ولكن هذه السياسات مصممة لإفقار المحافظة وجعلها متخلفة عن الكيان السوري بشكل عام وعن دمشق بشكل خاص.
أيضا بنية الكيان السوري لها دور في إفقار حلب وتخلفها، لأن حلب في الكيان السوري هي مجرد منطقة هامشية نائية. المناطق النائية هي مناطق متخلفة في الكثير من الدول، وخاصة الدول المبنية على نظام مركزي صارم.
مشكلة الكيان السوري هي أنه مصمم على أساس أنه إمبراطورية دمشقية، ولكن دمشق في التاريخ لم تكن عاصمة لإمبراطورية. هي في أحسن الأحوال كانت مثل حلب.
الكيان السوري يصر على اعتبار دمشق عاصمة لإمبراطورية وعلى اعتبار حلب مدينة طرفية. هذا هو سبب الفقر والتخلف في حلب.
الفقر والتخلف في حلب لم يعد مجرد مشكلة حياتية ولكنه أصبح مشكلة وجودية، لأنه قضى على مدينة حلب وأزالها من الوجود.
ما حصل في حلب خلال السنوات الأخيرة لم ينشأ من فراغ.
ما حصل في حلب هو نتيجة لحقبة الإمبراطورية الدمشقية.
لهذا السبب أنا كتبت مرارا أن العودة مجددا إلى الإمبراطورية الدمشقية تعني أن حلب لن تقوم لها قائمة.
إعادة إعمار حلب هي مستحيلة في ظل الإمبراطورية الدمشقية.
إعادة إعمار حلب تتطلب بناء الكيان السوري على أسس جديدة.
الأسس الجديدة التي أقصدها هي نفس الأسس التي طبقها الفرنسيون خلال فترة الانتداب، أي الفدرالية واللامركزية.
دمشق يمكنها أن تظل عاصمة سياسية، ولكن من غير المعقول أن تظل حلب تابعة لدمشق في الشؤون الاقتصادية والإدارية.
هذا الأمر هو جنون محض، وهو لم يكن موجودا في أية حقبة تاريخية قبل القرن العشرين.
في الكيان السوري يقال أن حلب هي عاصمة اقتصادية، ولكن هذا القول هو مجرد كذبة.
الحلبيون يجب أن يطالبوا بتطبيق شعار العاصمة الاقتصادية على أرض الواقع.
إذا كانت حلب هي العاصمة الاقتصادية فهذا يعني أن القرار الاقتصادي يجب أن يصنع فيها.
المؤسسات الاقتصادية الحكومية يجب أن تكون موجودة في حلب.
هل يقبل حكام الكيان السوري بذلك؟
هم لن يقبلوا بذلك. لهذا السبب أنا طالبت الثوار في حلب بإنشاء حكومة محلية على غرار الحكومة التي أنشأها الأكراد.
المشكلة هي أن نسبة الأمية في حلب هي 50%، وحتى المتعلمون هم ليسوا جميعا واعين.
كيف لك أن تقنع شعبا كهذا بحقوقه ومصالحه؟
ما قتل حلب ودمرها هو في الأساس جهل سكانها.
زعماء حلب وكبارها كانوا منذ البداية معارضين للمهزلة التي حصلت، ولكنهم لم يكونوا يستطيعون أن يفعلوا شيئا أمام العوام والغوغاء.
العوام والغوغاء سوف يطبلون ويزمرون للنظام السوري مهما فعل بهم.
حتى لو قتلهم وهجرهم ودمرهم وأفقرهم فهم سيظلون يطبلون ويزمرون له.
بالنسبة لهؤلاء من دمر حلب هو ليس النظام ولكن سكان ريف حلب!
هؤلاء مستعدون لمحاربة سكان الريف (بعضهم يفعلون ذلك بالفعل) ولكنهم ليسوا مستعدين للوم النظام.
هذا هو الجهل القاتل.
ابن الريف في النهاية هو جارك وأخوك، وهو أفقر منك.
النظام هو مجرد مجموعة من اللصوص والسفلة الذين يستغلونك ويستغلون ابن الريف.
كيف تنحاز للصوص والسفلة ضد جارك وأخيك؟
هذه مشكلة أخلاقية وهي أيضا مشكلة في الوعي والفهم والتقدير.