“العثمانية الجديدة” ربما تكون أفضل خيار بالنسبة للسوريين

الكيان السوري أسس على شعارات القومية العربية، ولكن من الواضح الآن أنه لم يعد هناك شيء اسمه قومية عربية.

القومية العربية في الكيان السوري كانت منذ البداية مجرد كذب ودجل ونفاق. حكام الكيان كانوا يرفعون شعارات القومية العربية بهدف تبرير وجود كيانهم، وليس لأنهم يؤمنون بالفعل بهذه الشعارات.

القومية العربية استخدمت كمبرر لتهميش الحلبيين والعلويين والدروز والأكراد إلخ.

هي في الواقع استخدمت كمبرر لتهميش جميع السوريين وإقامة إمبراطورية دمشقية.

مشروع الإمبراطورية الدمشقية هو مشروع طموح جدا ويفوق القدرات الواقعية لمدينة دمشق.

مدينة دمشق لا تملك مؤهلات تسمح لها بإقامة إمبراطورية تشمل حلب والساحل وغرب كردستان إلخ.

لهذا السبب رأينا أن الكيان السوري لم يعرف الاستقرار أبدا.

منذ تأسيس الكيان كانت هناك انقلابات مستمرة واضطرابات مستمرة.

السبب هو أن المشروع الذي يسعى له الكيان هو مشروع غير واقعي وغير ممكن.

الإمبراطورية الدمشقية هي مجرد حلم وليست أكثر من ذلك.

أنصار الإمبراطورية الدمشقية باتوا يدركون أن الشعارات القومية العربية فقدت تأثيرها، ولهذا السبب هم الآن يطرحون أنفسهم بشكل جديد وشعارات جديدة.

هم يتحدثون عن “الهوية السورية” ونحو ذلك.

نحن لسنا ضد الهوية السورية، ولكن المشكلة هي أن من يتحدثون عن الهوية السورية لا يقصدون بها سوى الهوية الدمشقية الضيقة.

هم يريدون اختزال الكيان السوري بأكمله في مدينة دمشق.

لهذا السبب نرى مواقفهم السلبية من مطالب الأكراد والعلويين.

ولاحقا أيضا سنرى مواقفهم السلبية من مطالب الحلبيين.

أنا ليس لدي أي أمل في هؤلاء الناس، لأنني أعرف تاريخهم وأعرف ما هي عقليتهم.

هؤلاء الناس حظوا بفرصة لكي ينشؤوا دولة، ولكنهم أهدروا الفرصة.

هم فشلوا في إنشاء دولة قابلة للحياة.

هم يلقون اللوم على معارضيهم ويبرئون أنفسهم. هم يزعمون أن دولتهم كانت أفضل دولة في العالم قبل أن ينقلب عليهم القوميون العرب في عام 1958 (عندما حصلت الوحدة مع مصر).

هم أيضا يلومون العلويين وعائلة الأسد.

هذه التبريرات هي مجرد كلام فارغ.

الانقلابات لم تحصل في الكيان السوري لأن معارضي النظام هم أشرار وسيئون. سبب الانقلابات هو أن النظام الحاكم في الكيان السوري كان نظاما فاشلا ولا يحظى بقبول وطني واسع.

لو كان النظام يحظي بقبول وطني واسع لما كانت الانقلابات قد حصلت، ولما كنا ابتلينا بعائلة الأسد.

عائلة الأسد هي مجرد نتيجة وليست سببا.

عائلة الأسد لم تفسد الكيان، ولكن هذه العائلة ظهرت بسبب فساد الكيان.

عائلة الأسد ما زالت إلى الآن تقتل وتدمر وتخرب بزعم أنها ستعيد بناء سلطتها، ولكن ليس من المتوقع أن تتمكن هذه العائلة بالفعل من إعادة بناء سلطتها.

الكيان السوري سينتهي مجددا إلى نفس الشكل الذي بدأ به في عام 1922، ألا وهو شكل من الفدرالية.

الكيان السوري في المستقبل سيكون عبارة عن أقاليم مفككة وضعيفة.

الدول الإقليمية ستتنازع السيطرة على هذه الأقاليم.

في رأيي أن السوريين بشكل عام يجب أن يفضلوا الهيمنة التركية على هيمنة إيران وآل سعود (في حال ظل نظام آل سعود قائما).

إيران أثبتت فشلها في التعامل مع شعوب المنطقة.

هي طرحت نفسها في البداية كمحرر للشعوب، ولكنها تحولت إلى قاتل للشعوب ومستعبد لها.

هي فشلت في إيجاد أي حل لمشاكل سورية والعراق.

في الحقيقة إيران ساهمت في تعقيد مشاكل سورية والعراق بدلا من أن تساهم في حلها.

النفوذ الإيراني في سورية والعراق أصبح نفوذا سلبيا تخريبيا.

إيران نفسها تعاني من مشاكل داخلية غير محلولة.

النظام الإيراني ليس نظاما مستقرا. هناك كثير من الإيرانيين يرفضون النظام من أساسه.

هذا النظام لا يحظي بإجماع وطني حتى في داخل إيران نفسها.

هذا النظام ببساطة لا يصلح كنموذج لشعوب المنطقة ومرشد لها.

النظام التركي هو أيضا نظام غير ناجح وفيه عيوب جوهرية خطيرة.

ولكن هذا النظام هو أفضل الموجود.

على الأقل هذا النظام يعتبر دول الغرب المتقدمة قدوة له، وهو يريد أن ينضم للاتحاد الأوروبي.

هذا النظام يسعى دائما لإظهار إيمانه بالديمقراطية والحريات وحقوق الإنسان.

هو ربما لا يكون ناجحا في تطبيق هذه الشعارات على أرض الواقع، ولكن المهم هو أنه يعتبر هذه الشعارات هدفا له.

هذا أفضل بكثير ممن يرفضون الديمقراطية من أساسها ويعتبرونها كفرا أو مؤامرة أو أعمال إرهابية.

العثمانية الجديدة هي ليست فكرة سيئة إذا كان المقصود بها بناء اتحاد شرق أوسطي على غرار الاتحاد الأوروبي.

إذا كان الأتراك يريدون بناء اتحاد شرق أوسطي على غرار الاتحاد الأوروبي ففي رأيي أن السوريين (بجميع طوائفهم) يجب أن يرحبوا بذلك، خاصة بعد اندثار القومية العربية وانهيار الكيان السوري.

إعادة بناء السلطنة العثمانية بشكلها القديم هو أمر مرفوض، وهو أصلا أمر لا يمكن أن ينجح.

ما يمكن أن ينجح هو بناء السلطنة العثمانية بشكل جديد يرتكز على مفاهيم الديمقراطية والحريات وحقوق الإنسان.

أنا لا أرى مشكلة في توحيد سورية مع تركيا في حال كانت هذه الوحدة مبنية على أسس الديمقراطية والحريات وحقوق الإنسان.

طبعا الحقوق الثقافية يجب أن تمنح للجميع ويجب ألا يكون هناك تتريك أو أي شيء من هذا.

هذا المشروع العثماني الجديد ربما يكون أفضل مشروع مطروح أمام السوريين حاليا.

البدائل هي المشروع الإيراني والمشروع الوهابي.

هذه البدائل هي أسوأ من المشروع العثماني الجديد.

بالنسبة لمشروع الإمبراطورية الدمشقية فهو مجرد حلم غير قابل للتحقيق.

تحقيق حلم الإمبراطورية الدمشقية صار الآن أصعب مما كان عليه في أربعينات القرن العشرين.

ليست هناك أية إمكانية واقعية لإعادة بناء الإمبراطورية الدمشقية. الأكراد لن يقبلوا بذلك، والعلويون لن يقبلوا بذلك، وحتى الحلبيون لن يقبلوا بذلك.

الإمبراطورية الدمشقية انتهت إلى غير رجعة، هذا إذا كانت هذه الإمبراطورية قد قامت من الأساس.

أنا لا أظن أن هذه الإمبراطورية كانت دولة حقيقية ولكنها كانت مجرد كيان وهمي وظيفته عزل إسرائيل عن محيطها بهدف حمايتها.

الكيان السوري أدى الغرض المطلوب منه على أكمل وجه. هو حمى إسرائيل لستة عقود، ولكن بقاء هذا الكيان لم يعد كافيا لحماية إسرائيل، لأن مشكلة إسرائيل أصبحت في الأساس مشكلة داخلية. الفلسطينيون الآن هم الخطر الأكبر الذي يهدد إسرائيل وليس الشعوب المحيطة.

بما أن الكيان السوري فقد مبرر وجوده فليس مستغربا أن يندثر هذا الكيان.

8 آراء حول ““العثمانية الجديدة” ربما تكون أفضل خيار بالنسبة للسوريين

  1. شقيقي

    اقرا هذا المقال..

    الكاتب -كما يبدو- لديه ميول اشتراكية، ولديه شطحات غير واقعية، عدا عن اني لا اتفق تماماً مع النتيجة النهائية لتحليله، لكن المقال يضع النقاط على بعض الحروف وفيه وجهة نضر معينة..

    احتراماتي

    http://www.alhayat.com/Opinion/Writers/3210662/

    • هو يقول في النهاية أن الحدود الداخلية بين المناطق سيعاد رسمها ولكن ليس الحدود الخارجية. هذا هو نفس ما توقعته وطالبت به.

      بالنسبة لبقية مقاله فهو يحاول أن يقنعنا أن داعش هي مشروع عراقي بحت وأنها فشلت في التمدد نحو القسم الغربي من سورية ونحو الأردن ولبنان. هو أيضا يزعم أن سكان الموصل لديهم أفكار تختلف عن سكان حلب.

      أنا بصراحة لا أقبل هذا الكلام. الكاتب لا يفهم التاريخ السوري بشكل جيد. هو يزعم أن الحلبيين كانوا دوما راضين بالكيان السوري. هذا الكلام هو نقيض الواقع. الحلبيون هم السبب الرئيسي لعدم استقرار الكيان السوري وهم وقفوا خلف جميع الانقلابات التي حصلت في هذا الكيان. بالنسبة لتمدد داعش نحو غرب الكيان السوري ونحو لبنان والأردن فهذا الأمر يمكن أن يحدث. تأخر حدوثه لا يعود لكون داعش عراقية ولكنه يعود لأسباب أخرى لوجستية ويعود للأهداف التي وضعتها داعش لنفسها.

      • اما بالنسبة للحدود، فالداخلية ستتغير بصورة شبه مؤكدة كما يبدو..

        و كذا الخارجية، انا لا أظن بأنها ستنجو، ولو بشكل غير رسمي على الأقل او بشكل محدود!!!

  2. لا بد تحرير لواء الاسكندورنة عاجلاً من العار أن تبقى هذه البقعة الشريفة الطاهرة تحت حكم الناصبي اردوغان

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

صورة تويتر

أنت تعلق بإستخدام حساب Twitter. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s