بشار الأسد أثبت بشكل واضح وقاطع وساطع أنه لا يريد إجراء أية إصلاحات سياسية.
هو لم يتخل عن ذرة واحدة من سلطاته، ولم يقلع عن أي من تجاوزاته وانتهاكاته، بل على العكس من ذلك هو يخطط لزيادة وتعزيز هذه التجاوزات والانتهاكات.
هو ما زال يحتقر مفهوم المواطنة وما زال يحتقر حقوق الإنسان وما زال يحتقر القانون، والأسوأ من ذلك هو أن أحداث الثورة كشفت عن شدة احتقاره للحياة الإنسانية. هو لا يقيم أي وزن لحياة البشر، ولا يقيم أي وزن لمدن الكيان السوري وتاريخها.
هو لا يهتم بأي شيء على الإطلاق سوى نفسه.
السياسة الخارجية التي انتهجها بعد عقده للصفقة الكيماوية الخيانية كشفت أيضا عن استخفافه الكبير بالرأي العام الدولي، وخاصة الرأي العام الغربي.
موقفه في مؤتمر جنيف حمل قدرا كبيرا من الاستخفاف والاستهزاء بالرأي العام الدولي. هو ذهب إلى هذا المؤتمر على أساس تطبيق خطة جنيف التي تم الاتفاق عليها بين الروس والأميركان، ولكنه في المؤتمر تملص بشكل كامل من تطبيق هذه الخطة. هو لم يقدم أي تنازل لوفد المعارضة على الإطلاق.
الأخضر الإبراهيمي قال أنه قرر الاستقالة منذ أن شاهد سلوك وفد بشار الأسد في مؤتمر جنيف. هو أدرك أن بشار الأسد لا يريد حلا سياسيا.
بعد ذلك أجرى بشار الأسد “انتخاباته الرئاسية” التي لم يشارك فيها أحد من السوريين سوى مؤيدوه العبيد، ولم يقبل بها أحد في العالم سوى إيران.
بشار الأسد وأبواقه وحلفاؤه صرحوا مرارا بأن خطة جنيف ماتت وبأن الحل السياسي يجب أن يبدأ من نتيجة الانتخابات الهزلية.
هذا السلوك الذي انتهجه بشار الأسد يكشف عن استخفاف هائل ليس فقط بشعب الكيان السوري ولكن بالبشر بشكل عام.
بشار الأسد لا يقيم أي اعتبار لما يقوله الناس حول الديمقراطية وحقوق الإنسان والقوانين وحرمة النفس البشرية.
هو لا يهتم برأي أحد. هو يريد أن يفرض رأيه على كل الناس.
هو يعتبر نفسه في منزلة تفوق منزلة جميع البشر الآخرين. هو ليس مستعدا لتقبل أي شيء يقوله البشر الآخرون.
البشر الآخرون يجب فقط أن يقبلوا بما يقرره.
هل هذه شخصية إنسان سوي؟
هل هذا الإنسان هو مؤهل لشغل وظيفة عامة؟ ناهيك عن أن يتولى رئاسة الكيان السوري؟
أنا واثق تماما من أن بشار الأسد هو مختل نفسيا، ولكن ما يدهشني هو صفاقة بعض من يدعون معارضته من منتسبي “هيئة التنسيق”.
قبل يومين أصدرت هيئة التنسيق بيانا يدعو للعودة إلى اتفاق جنيف وتجنب التصعيد العسكري.
عندما سمعت هذا البيان ظننت للوهلة الأولى أنه صادر عن بشار الأسد.
ما هو اتفاق جنيف الذي تتحدث عنه هيئة التنسيق؟
هل بقي هناك اتفاق جنيف؟
الأخضر الإبراهيمي استقال وقال أن بشار الأسد لا يريد اتفاق جنيف.
بشار الأسد نفسه قال أن اتفاق جنيف انتهى وأن الحل السياسي يجب أن يبدأ من نتيجة الانتخابات.
على أي أساس تدعو هيئة التنسيق للعودة إلى اتفاق جنيف؟
الموقف الحقيقي لهيئة التنسيق هو الموقف الذي عبر عنه قبل أيام منذر خدام عندما دعا إلى دعم جيش بشار الأسد.
هيئة التنسيق تريد من السوريين أن يعودوا إلى حضن بشار الأسد. هذا هو الموقف الحقيقي لهيئة التنسيق، ولكن الهيئة تنافق وتتحدث عن “اتفاق جنيف” من باب التمويه وذر الرماد في العيون.
هناك معارضون من خارج هيئة التنسيق يؤيدون أيضا العودة إلى حضن بشار الأسد.
هذه المواقف كانت ستكون رائعة لو أنها صدرت في بداية الثورة.
في ذلك الوقت كان الكيان السوري ما يزال قائما، والحرب الأهلية لم تكن قد اندلعت بعد.
في ذلك الوقت كان من المفيد تجنب الحرب والدمار والسعي للإصلاح التدريجي السلمي.
ولكن الآن بعدما اختفى الكيان السوري من الوجود وبعدما تبخر أي أمل بالإصلاح السياسي، لماذا نعود إلى حضن بشار الأسد؟
العودة إلى حضن بشار الأسد الآن هي مجرد عودة إلى العبودية الأبدية، وهي مكافأة لهذا السافل المريض على جرائمه.
هو يفسر عودة السوريين إلى حضنه على أنها انتصار له. هو يعتبرها تبرئة له من جرائمه.
أنا لا أدري ما هو السبب الذي يدفعنا الآن لكي نعود إلى حضن هذا السافل.
الإصلاح السياسي السلمي لم يعد ممكنا الآن على الإطلاق.
الإصلاح السياسي السلمي كان من الأصل عملية صعبة بسبب تركيبة المجتمع وبسبب الأحقاد الطائفية، ولكن بعد هذه الحرب صار الحديث عن الإصلاح السياسي السلمي مجرد خيال.
لن يكون هناك أي إصلاح سياسي في حال عاد السوريون إلى حضن الأسد.
بالنسبة لإعادة الإعمار التي يتحدث عنها الأسد وبوقه الدردري فهي أكبر كذبة في التاريخ. هذه العملية لن تحصل أبدا.
ما يقصده بشار الأسد بعملية إعادة الإعمار هو عملية استحلاب العبيد التي وصفتها في السابق. هو سيستحلب السوريين (وخاصة الحلبيين) وسيسرق أموالهم. هذه هي إعادة الإعمار الوحيدة التي ستحصل.
بشار الأسد هو ليس إنسانا عقلانيا. هو على الأغلب سيتصرف كوالده وسيقوم بإفقار المناطق التي تمردت عليه كنوع من العقوبة لها.
هو سيسرق الأموال من المناطق التي تمردت عليه وسينفقها على مناطق أخرى يعتبرها مهمة بالنسبة لبقائه.
الكيان السوري الآن هو على ما أظن أكثر بلدان العالم تخلفا (من الممكن أن الصومال فقط هو البلد الأكثر تخلفا من الكيان السوري).
قسم كبير من سكان الكيان هم مهجرون إلى خارج الكيان. بالنسبة للسكان الذين ما زالوا في الكيان فهم موزعون بين داعش وبين غيرها من العصابات. نظام بشار الأسد هو إحدى هذه العصابات. أنا بصراحة لا أرى فرقا جوهريا بين نظام الأسد وبين داعش. الفرق الوحيد المهم هو أن بشار الاسد مستعد للتعاون مع الأميركان بخلاف داعش.
داعش لا تعترف بحقوق الإنسان، وبشار الأسد أيضا لا يعترف بحقوق الإنسان.
داعش لا تعترف بالديمقراطية، وبشار الأسد لا يعترف بالديمقراطية.
داعش لا تعترف بالقوانين الوضعية، وبشار الأسد لا يعترف بالقوانين الوضعية (بشار الأسد يعترف فقط بقوانين المافيا).
داعش هي طائفية تكفيرية، وبشار الأسد هو أيضا طائفي تكفيري (هو لا يحتسب معارضيه من البشر ويعتبرهم مجرد حشرات).
داعش هي متخلفة ولا تفهم معنى التنمية، وبشار الأسد هو متخلف ولا يعرف معنى التنمية.
ما هو الفرق المهم بين داعش وبشار الأسد؟ أنا بصراحة لا أستطيع أن أجد فرقا مهما.
في الحقيقة داعش هي أفضل من بشار الأسد في بعض الأمور.
على سبيل المثال، داعش لا تؤمن بحدود سايكس-بيكو. هذه ميزة فريدة لداعش.
بشار الأسد هو ذو فكر انعزالي دمشقي، رغم ادعائه للعروبة الكاذبة (أنا لا أعتبر هذه القضية من مثالب بشار الأسد لأنه ليس هو الذي اخترع هذا الفكر الانعزالي الدمشقي. هو ورث الدولة وهي تحمل هذا الفكر منذ تأسيسها).
لا يوجد مبرر الآن لكي نعود إلى حضن بشار الأسد. العودة إلى حضن بشار الأسد الآن هي مجرد نكبة إضافية تضاف لنكبات شعب الكيان السوري.
ألم تشبع من النباح