عن المصطلحات العلمية التي أستخدمها في المقالات

في مواضيع المدونة أنا أحرص على ذكر المصطلحات العلمية باللغة الإنكليزية لأن هذه اللغة حاليا هي لغة العلم بامتياز. من يريد أن يقرأ أو أن يبحث في أي موضوع علمي فهو سيحتاج حتما للمصطلح الإنكليزي. المصطلح الإنكليزي يمكن ترجمته بسهولة (عبر الإنترنت) إلى المصطلح الفرنسي أو الألماني أو الروسي إلخ. بالتالي أنا عندما أذكر المصطلح الإنكليزي فإنني أهدف إلى إفادة نفسي وإفادة قرائي.

النظام الحاكم في سورية يروج لبعض الكلمات العربية على أنها  “مصطلحات” علمية، وهو يجبر الناس الواقعين تحت سيطرته على استخدام هذه “المصطلحات” وعدم استخدام المصطلحات الإنكليزية أو غيرها.

السؤال الذي يطرح نفسه هو هل “المصطلحات” التي يروج لها النظام السوري هي بالفعل مصطلحات؟

كلمة “مصطلح” هي مشتقة من “التصالح” بمعنى “الاتفاق”. عندما نقول أن كلمة معينة هي “مصطلح” فهذا يعني أن هذه الكلمة هي محل اتفاق وإجماع، ولكن يا ترى من هم الذين اتفقوا على استخدام مصطلحات النظام السوري؟

لا أحد في العالم يستخدم مصطلحات النظام السوري سوى جامعات النظام السوري. حتى الدول العربية لا تستخدم هذه المصطلحات.

النظام السوري لا يحكم سوى جزء ضئيل من متحدثي اللغة العربية. هو ليس في موقع يسمح له بفرض “المصطلحات” على العرب. على أرض الواقع معظم العرب لا يستخدمون مصطلحات النظام السوري ولكنهم يستخدمون المصطلحات المتداولة دوليا.

النظام السوري يتحدث منذ أكثر من خمسين سنة عما يسميه بـ”المصطلحات العلمية العربية”، ولكن عبارة “المصطلحات العلمية العربية” هي مجرد خرافة كبقية خرافات النظام السوري (وما أكثرها). “المصطلحات العلمية العربية” هي ليست سوى “مصطلحات سورية”. هذه المصطلحات هي غير مستخدمة خارج نطاق سلطة النظام السوري.

النظام السوري ليس معروفا بالمستوى العلمي العالي. سورية تحت سلطة النظام السوري هي من أكثر دول العالم تخلفا على الصعيد العلمي والبحثي. ما هي القيمة العلمية لمصطلحات النظام السوري؟ ما هي الفائدة من تعلم هذه المصطلحات؟

مصطلحات النظام السوري “العلمية” هي ليست أكثر من مسخرة على شاكلة مساخر العقيد الراحل القذافي (الذي كانت لديه أسماء أشهر خاصة به لا يستخدمها أحد غيره).

النظام السوري بسبب عقليته الجاهلة والخرقاء يعتقد أن “تعريب العلم” هو مجرد قرار حكومي لا يتطلب أكثر من توقيع رئيس الجمهورية.

اللغة الإنكليزية لم تصبح لغة العلم لأن الحكومة البريطانية اتخذت قرارا بذلك. اللغة الإنكليزية أصبحت لغة العلم بحكم الأمر الواقع. حاليا أهم الكتب والمؤلفات والأبحاث العلمية تصدر باللغة الإنكليزية. هذا هو السبب الذي أدى إلى “أنكلزة العلم”.

كلمة “تعريب العلم” هي كلمة ذات معنى ضخم للغاية. من يريد أن يعرّب العلم عليه أن يسعى لتطوير مستوى التعليم والبحث العلمي في الدول العربية. يجب أن يكون هناك إنتاج علمي غزير في الدول العربية وأن يكون العرب هم قادة البحث العلمي في العالم. عندما يصبح العالم العربي هو المصدر الأول للعلم يمكننا وقتها أن نتحدث عن “تعريب العلم”.

النظام السوري لا يفقه شيئا من ذلك. هو جالس في جورته العميقة ويقوم من هذه الجورة بإصدار الفرمانات وفرضها على المساكين الواقعين تحت سلطته، والذين هم قلة قليلة من سكان العالم.

هذه النزعة المرضية للتحكم والسيطرة هي سبب كل التخلف والمآسي التي عاشتها سورية.

أنا عندما أكتب فإنني أريد أن أفيد نفسي وأفيد الناس، وليس أن أفرغ أمراضي النفسية. أنا أريد لنفسي ولمن يتابعني أن نقرأ ونبحث ونفهم. هدفي ليس أن أشكّل الناس على مزاجي لكي يتحدثوا كما أريد ويفكروا كما أريد. أنا أصغر بكثير من أجعل الناس يتحدثون ويتصرفون على مزاجي. أنا أعرف حجمي وقدري في هذا العالم وأعرف أن ما أكتبه لا يساوي شيئا مقارنة بما يصدر في العالم من أبحاث وعلوم.

لو أنني استخدمت في مقالاتي “مصطلحات” النظام السوري فهذا لن يفيدني وقرائي بشيء، بل على العكس هو سيضرنا. مصلحتي ومصلحة القراء هي أن نعرف المصطلحات الدولية لكي نتمكن من البحث عن هذه المصطلحات في الإنترنت والكتب والدراسات. لو أنني ذكرت مصطلحات النظام السوري فما الذي سنفعله بهذه المصطلحات؟ هذه المصطلحات لا قيمة لها في العلم.

هي أصلا ليست مصطلحات، لأن لا أحد يستخدمها سوى جامعات النظام السوري. هي مجرد ترجمات وليست مصطلحات، وهي بصراحة ترجمات رديئة ولا فائدة من ذكرها. كثير من هذه الترجمات هي خاطئة (بمجرد الرجوع للقواميس اللاتينية واليونانية يتبين أن كثيرا من هذه الترجمات هي غير صحيحة أو غير دقيقة)، وكثير منها هي كلمات غير مألوفة لدى متحدثي اللغة العربية (بعضها كلمات عربية بائدة لا يستخدمها أحد في العصر الحالي، وبعضها كلمات لا أصل لها قام مترجمو النظام السوري باختراعها). لا توجد فائدة من ذكر هذه الترجمات لأنها هي نفسها تحتاج للترجمة. بالنسبة لي شخصيا فأنا لا أستطيع فهم معاني هذه الكلمات إلا بالرجوع إلى لسان العرب ونحوه. ما هي الفائدة من ذلك؟ لماذا أضيع وقتي ووقت القراء بالرجوع إلى قواميس اللغة العربية؟ ولماذا نملأ ذاكرتنا بكلمات لا فائدة من حفظها؟ الأجدى لي وللقراء هو أن نحفظ الكلمات الأجنبية المستخدمة دوليا وأن نرجع إلى القواميس الأجنبية لكي نفهم معاني هذه الكلمات.

طبعا لتحديد الأجدى لا بد أولا أن نحدد الهدف. أنا هدفي هو رفع مستوى العلم لدي ولدى قرائي. النظام السوري لديه هدف آخر مختلف تماما. النظام السوري يريد أن “يعرب العلم”. إذن هدف النظام يختلف عن هدفي. النظام السوري ليس مهتما بالعلم ولكنه يعتبر العلم حقلا للصراع الأيديولوجي السياسي. “مصطلحات” النظام السوري العلمية ليس المقصود منها خدمة العلم ولكن المقصود منها محاربة الإنكليز والأوروبيين وتحقيق انتصار ثقافي وهمي عليهم. لهذا السبب أنا لن أستخدم “مصطلحات” النظام السوري العلمية.

في مقالاتي لا توجد أية مصطلحات سوى المصطلحات الدولية (المصطلحات الدولية = الكلمات المتداولة على نطاق دولي). بالنسبة للكلمات العربية التي أستخدمها في مقالاتي فهي ليست “مصطلحات” ولكنها مجرد ترجمات. أنا لدي الحرية في الترجمة كما أشاء ولست مضطرا للتقيد بترجمات النظام السوري السيئة. الهدف من ترجماتي هو توضيح المعنى لنفسي وللقراء وليس التعقيد وشغل ذاكرتنا بكلمات لا توجد فائدة من حفظها.

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

صورة تويتر

أنت تعلق بإستخدام حساب Twitter. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s