تطور الإنسان (4)

إعادة بناء لإنسان نياندرثال عثر على جمجمته في كهف شانيدار في كردستان العراق

إنسان نياندرثال

مستحاثات إنسان نياندرثال Homo neanderthalensis هي ربما أولى المستحاثات البشرية القديمة التي عرفها الباحثون الأوروبيون. أول مستحاثة لهذا الكائن وجدت في عام 1829 في بلجيكا، ولكن أشهر مستحاثة هي تلك التي وجدت في عام 1856 في وادٍ قرب مدينة Düsseldorf في غرب ألمانيا اسمه Neander. كلمة Tal بالألمانية تعني “وادي”، وبالتالي عبارة Neandertal تعني “وادي Neander“. كلمة Neander هي مأخوذة من اسم قسيس بروتستانتي ألماني (Joachim Neander) عاش في القرن 17 وسمي الوادي على اسمه. اسم القسيس أصلا كان Neumann (بالإنكليزية: Newman). كلمة Neander هي ترجمة يونانية لكلمة Neumann الألمانية (مصدر هذه المعلومات هو ويكيبيديا).

الكتابة Thal هي كتابة ألمانية قديمة تعود إلى القرن التاسع عشر عندما لم تكن قواعد الهجاء الألمانية المعاصرة قد وضعت بعد. لفظ Thal بالألمانية هو نفس لفظ Tal، وحاليا اسم الوادي يكتب بالألمانية هكذا Neandertal، ولكن الاسم اللاتيني لإنسان نياندرثال صيغ في القرن 19 قبل وضع قواعد الهجاء الألمانية المعاصرة، ولهذا فإن الاسم هو مبني على الكتابة الألمانية القديمة. التعريب الصحيح للاسم اللاتيني في رأيي يجب أن يكون “نياندرثال” بالثاء لأن الصوت اللاتيني-اليوناني th يعرب إلى ثاء (ولكن اسم الوادي يجب أن يكتب بالتاء “نياندرتال”).

الباحث البيولوجي الألماني Ernst Haeckel اقترح تسمية هذه المستحاثات باسم “الإنسان الغبي” Homo stupidus، ولكن لحسن الحظ فإن هذه التسمية لم تلق رواجا.

مستحاثات إنسان نياندرثال وجدت بكثرة في أوروبا، وحاليا هناك اعتقاد بأن هذا الكائن نشأ في أوروبا من إنسان هايدلبرغ. الصورة التالية من ويكيبيديا توضح بعض المواقع التي وجد فيها إنسان نياندرثال.


تاريخ ظهور إنسان نياندرثال غير واضح ويختلف بين المصادر. السبب على ما أظن هو أن إنسان نياندرثال لم يظهر بشكل مفاجئ ولكنه تطور بشكل تدريجي من إنسان هايدلبرغ. التاريخ التقريبي لظهور إنسان نياندرثال هو 300,000-200,000 عام قبل الوقت الحالي، وأما زمن انقراضه فهو 40,000-30,000 عام قبل الوقت الحالي.

شكل إنسان نياندرثال

الصفات الشكلية لإنسان نياندرثال هي مدروسة بشكل جيد نسبيا. هناك مقال كامل في ويكيبيديا اسمه Neanderthal anatomy. ما يلي بعض المعلومات:

Neanderthal anatomy differed from modern humans in that they had a more robust build and distinctive morphological features, especially on the cranium, which gradually accumulated more derived aspects, particularly in certain isolated geographic regions. Evidence suggests they were much stronger than modern humans, while they were comparable in height; based on 45 long bones from at most 14 males and 7 females, Neanderthal males averaged 164–168 cm (65–66 in) and females 152–156 cm (60–61 in) tall. Samples of 26 specimens in 2010 found an average weight of 77.6 kg (171 lb) for males and 66.4 kg (146 lb) for females.

في السابق كان يعتقد أن إنسان نياندرثال كان يمشي بركب مثنية، ولكن حاليا الدراسات تقول أنه كان يمشي منتصبا دون أن يثني ركبه. طول إنسان نياندرثال يقع ضمن مجال البشر المعاصرين ولكنه أقصر قليلا من المعدل. الباحثون يرون أن قصر أطراف النياندرثال وجسمه الممتلئ هي خصائص تتناسب مع المناخ البارد لأنها تؤدي لتقليل فقدان الحرارة عبر سطح الجسم (وفقا لما يسمى “قاعدة Allen“).

الباحثون يرون أن جسم إنسان نياندرثال كان عضليا وأنه كان أقوى من البشر المعاصرين.

خصائص جمجمة النياندرثال هي معلومة جيدا ومشهورة. الشكل التالي يظهر مقارنة بين جمجمة نياندرثال وجمجمة إنسان معاصر:

جمجمة النياندرثال على اليمين، وجمجمة الإنسان المعاصر على الشمال

جمجمة النياندرثال هي قريبة نوعا ما من جمجمة البشر المعاصرين ولكنها رغم ذلك تحوي بعض الخصائص العتيقة archaic التي تميز الأنواع البشرية القديمة (والقرود أيضا).

الخصائص التشريحية العتيقة

من الخصائص العتيقة التي تميز عظام البشر القدماء عن عظام البشر المعاصرين ما يلي:

●ثخانة عظام الجمجمة لدى البشر القدماء والقرود مقارنة بجمجمة الإنسان المعاصر.

●غلاظة عظم الحاجب الذي يكون ضخما وبارزا لدى البشر القدماء والقرود ويشكل حافة ridge فوق محجر العين.


لاحظ الحافة فوق محجر العين supraorbital ridge لدى الشمبانزي ولدى القرد الجنوبي الجسيم Paranthropus ولدى الكائنات البشرية العتيقة، ولاحظ غياب هذه الحافة لدى الإنسان المعاصر.

لاحظ الحافة الشبيهة بالرف فوق عيني الغوريلا

الحافة فوق محجر العين هي ميزة لجميع الرئيسيات primates (القرود)، وهي كانت موجودة لدى كل البشر القدماء وما زالت موجودة إلى يومنا هذا بشكل محدود لدى بعض البشر المعاصرين (مثلا السكان الأصليين لأستراليا). الباحثون يرون أن وظيفة هذه الحافة هي تثبيت عظام الجمجمة وتخفيف التوتر الناشئ عن تقبض العضلات عند مضغ الطعام. هذه الحافة هي بارزة جدا لدى القرود الجنوبية الجسيمة لأن هذه الكائنات كانت متخصصة في المضغ.

●غياب الذقن لدى البشر القدماء والقرود، بخلاف الإنسان الحديث الذي له ذقن بارزة mental protuberance.

الذقن لدى البشر المعاصرين

الذقن هي ميزة للبشر المعاصرين وهي علامة فارقة يستفيد منها الباحثون للتمييز بين مستحاثات البشر المعاصرين ومستحاثات البشر العتيقين. أشكال الذقن تختلف لدى البشر المعاصرين (بعض البشر المعاصرين لديهم ذقن مشطورة cleft chin لسبب وراثي جيني)، ولكن رغم اختلاف الشكل إلا أن جميع البشر المعاصرين يملكون الذقن البارزة.

هناك عدة نظريات تفسر بروز الذقن لدى البشر المعاصرين:

■ نظرية تقول أن بروز الذقن يهدف لتثبيت عظام الفك وتخفيف التوتر الناشئ عن المضغ وتعويض غياب الرف القردي simian shelf الذي يوجد لدى القرود ويساهم في تثبيت عظام الفك.

■ نظرية تقول أن بروز الذقن يهدف لتخفيف التوتر الناشئ عن نطق الأصوات الشفهية labial sounds، لأن بعض العضلات التي تساهم في نطق هذه الأصوات ترتكز على الذقن.

■ نظرية تقول أن بروز الذقن مرتبط بالانتخاب الجنسي sexual selection (بمعنى أن الذقن هي من الأمور التي تجذب الإناث جنسيا للذكور)، والدليل على صحة هذه النظرية هو أن ذقون الإناث المعاصرات تختلف في الشكل عن ذقون الذكور.

للمزيد حول موضوع الذقن يمكن مطالعة هذا المقال.

●كبر حجم التجويف الأنفي ومحاجر العينين لدى البشر القدماء والقرود.

من المفارقات أن إنسان نياندرثال كان يملك أنفا ضخما رغم أنه عاش في أوروبا ذات المناخ البارد. المفترض وفق قاعدة Allen أن يكون الأنف ضيقا في المناطق ذات المناخ البارد.

●بروز الفك الأعلى للأمام prognathism لدى البشر القدماء والقرود، وهذه الخاصية يرافقها ميلان الجبهة إلى الخلف sloping forehead.

الإنسان المعاصر يتميز بوجه مسطح وجبهة عمودية. الباحثون يرون أن نمو دماغ الإنسان أدى إلى بروز جبهته نحو الأمام (لاستيعاب الدماغ النامي)، وهذا أدى لتسطيح الوجه.

الصورة التالية تبين جماجم عدد من القرود مع حجم التجويف الدماغي لكل منها.

hominids apes human skulls

●تطاول مؤخرة الجمجمة نحو الخلف occipital bun لدى البشر القدماء والقرود، أما جمجمة الإنسان الحديث فمؤخرتها قريبة من التسطح.

هذه الصورة توضح التطاول المقصود:

تطاول الجمجمة نحو الخلف هو ظاهرة عامة لدى القرود والبشر القدماء. هذا التطاول ما زال موجودا لدى بعض البشر حتى يومنا هذا. هناك نظريات مختلفة تفسر زوال هذا التطاول.

●غلاظة عظام الفكين وغلاظة الأسنان لدى البشر القدماء والقرود.

البشر المعاصرون يتميزون بفكوك رقيقة وأسنان دقيقة. الباحثون يرون أن غلاظة الفكوك والأسنان هي مرتبطة بطبيعة الغذاء. البشر القدماء والقرود كانوا يأكلون الكثير من الثمار البرية وكانوا يأكلون الطعام دون طبخ، وأما البشر المعاصرون فهم يطحنون الغذاء ويهرسونه ويطبخونه، وبالتالي هم لا يبذلون مجهودا كبيرا في المضغ.

●اختلافات في أشكال الأسنان.

●اختلافات في بعض الثقوب والتجاويف والثلمات التشريحية الموجودة على الجمجمة.

●اختلافات في أشكال عظام الهيكل العظمي الأخرى غير الجمجمة.

هذه بعض الخصائص الهامة التي تميز عظام البشر المعاصرين عن عظام البشر القدماء والقرود. بالإضافة إلى هذه الخصائص هناك طبعا الاختلاف في حجم تجويف قحف الجمجمة (المعبر عن حجم الدماغ)، ولكن هذه الخاصية لا تفيد كثيرا في التمييز بين البشر المعاصرين وبين إنسان هايدلبرغ وإنسان نياندرثال، لأن حجم أدمغة هذين الكائنين يقع ضمن مجال أدمغة البشر المعاصرين. هناك أيضا خاصية بروز الوجنتين prominent zygomata لدى البشر القدماء والقرود، ولكن هذه الخاصية أيضا لا تفيد في التمييز بين البشر المعاصرين وبين إنسان هايدلبرغ وإنسان نياندرثال، لأن بروز الوجنتين لدى هذين الكائنين يقع ضمن مجال البشر المعاصرين.

في الحقيقة الدراسات الأخيرة تقول أن حجم دماغ إنسان نياندرثال هو في المتوسط أكبر من حجم دماغ البشر المعاصرين:

Neanderthal cranial capacity is thought to have been as large as that of modern humans, perhaps larger, indicating that their brain size may have been at least as large as ours. In 2008, a group of scientists produced a study using three-dimensional computer-assisted reconstructions of Neanderthal infants based on fossils found in Russia and Syria. The study indicated that Neanderthal and modern human brains were the same size at birth, but by adulthood, the Neanderthal brain was larger than the modern human brain.

هذا الرابط فيه المزيد من المعلومات عن هذه الدراسة.

هذه الدراسة أجريت على مستحاثات لأطفال رضع من النياندرثال وجدوا في مغارة Mezmaiskaya في شمال غرب القوقاز وفي مغارة الديدرية في منطقة عفرين شمال غرب حلب. أيضا تم الاستعانة ببقايا عظام حوض لامرأة من النياندرثال عثر عليها في مغارة الطابون في جبل الكرمل في فلسطين.

إعادة بناء لطفل نياندرثال

من نتائج الدراسة:

  • حجم دماغ أطفال النياندرثال عند الولادة كان مماثلا تقريبا لحجم أدمغة البشر المعاصرين، ما يعني أن ميزة كبر حجم الدماغ تعود إلى السلف المشترك الذي تحدر منه كل من إنسان نياندرثال والإنسان الحكيم الحديث.
  • حوض نساء النياندرثال كان أعرض قليلا من حوض النساء المعاصرات، ولكن هذا لم يقلل من صعوبة الولادة لأن رؤوس أطفال النياندرثال كانت أكبر قليلا من رؤوس الأطفال المعاصرين.
  • معدل نمو أدمغة أطفال النياندرثال بعد الولادة كان أسرع من معدل نمو أدمغة الأطفال المعاصرين، وهذا يعني أنهم كانوا يحتاجون لتغذية أكبر.
  • إذن تربية أطفال النياندرثال كانت أصعب من تربية الأطفال المعاصرين، ولهذا أمهات النياندرثال كن أكبر وأكثر نضوجا من الأمهات المعاصرات. هذا يعني أن نساء النياندرثال كن ينجبن الأطفال في عمر متأخر نسبيا.

ميزة كبر حجم الدماغ كانت موجودة أيضا في مستحاثات الإنسان الحكيم الباكرة في أفريقيا. حاليا بعض الباحثين يرون أن متوسط حجم دماغ البشر هو في تناقص مستمر منذ 40,000 سنة على الأقل. أنا لا أدري ما هو تفسير هذا التناقص، ولكنني قرأت نظريتين تفسرانه:

  • النظرية الأولى تربط كبر حجم الدماغ بكبر الكتلة العضلية للجسم. بما أن البشر القدماء (سواء كانوا من النياندرثال أم من الإنسان الحكيم الباكر) كانوا يتميزون ببنية عضلية أكبر فهم كانوا يحتاجون لأدمغة أكبر للتحكم بالكتلة العضلية.
  • النظرية الثانية تعتبر أن تصغير حجم الدماغ والرأس يهدف لتسهيل عملية الولادة على المرأة. وفق هذه النظرية فإن كفاءة الأدمغة البشرية لم تنخفض بل على العكس هي ازدادت رغم تصغير حجم الدماغ، أي أن ما حدث هو تقليل الحجم وزيادة الكفاءة في نفس الوقت.

معضلة المشي والولادة

موضوع حجم الرأس هو مشكلة كبيرة لنساء البشر لأنه لا يتناسب مع مبدأ المشي على رجلين bipedalism. المشي على رجلين هو الخاصية الأساسية التي تميز البشر (والقرود الجنوبية) عن بقية القرود الكبيرة. المشي على رجلين يتطلب حوضا ضيقا وصغيرا لمنح الاستقرار والثبات للجسم أثناء المشي. لهذا السبب حوض البشر هو أضيق من حوض القرود. ولكن الحوض الضيق لا يساعد على ولادة الأطفال ذوي الرؤوس الكبيرة. لهذا السبب المرأة البشرية كانت أمام معضلة تطورية: تكبير الدماغ هو أمر مفيد للبشر، وتصغير الحوض هو أمر مفيد للبشر، ولكن الأمرين لا يتوافقان.

هذه المعضلة أثرت سلبا على المرأة. حاليا النساء يتميزن بحوض أعرض من الرجال (لتسهيل الولادة)، ولكن مشية النساء هي أقل استقرارا وثباتا من مشية الرجال (المرأة عندما تمشي فإن حوضها يترنح أكثر من حوض الرجل، وهذا هو ما قصده الشعراء الذين تحدثوا عن تمايل النساء أثناء المشي). المرأة ضحت بثبات مشيتها (مقارنة بالرجل) لكي تتمكن من ولادة الأطفال ذوي الرؤوس الكبيرة.

من الآثار الأخرى لكبر الرأس أن النساء صرن يضطررن لولادة الأطفال بسرعة وقبل اكتمال نضجهم، وهذا أدى إلى أن المرأة البشرية صارت مطالبة برعاية الطفل لفترة أطول وباهتمام أكبر. هذا الأمر انعكس على كل النظام الاجتماعي للبشر. الرجال صاروا مضطرين لتقديم مساعدة أكبر للنساء، وبالتالي مفهوم الزواج صار مهما. الزواج المتعدد polygamy الموجود لدى القرود لم يعد مناسبا لحياة البشر لأن الرجل الواحد لا يستطيع أن يعيل عددا كبيرا من النساء.

ولادة الأطفال قبل اكتمال نضجهم أثرت على ملامح البشر المعاصرين. الدراسة التي أشرت إليها في الأعلى تقول أن ملامح أطفال النياندرثال كانت تتكون في أرحام الأمهات وليس بعد الولادة، بمعنى أن أطفال النياندرثال كانوا يولدون وهم يحملون الملامح “العتيقة” التي تميزهم عن البشر المعاصرين. بعض الباحثين يفسرون ذلك بأن أطفال النياندرثال (وغيرهم من أطفال الكائنات البشرية العتيقة) كانوا يمكثون في أرحام أمهاتهم لفترات أطول من أطفال البشر المعاصرين، وهذا كان يؤدي إلى نضج ملامحهم واتخاذها الطابع الخشن والغليظ، وأما أطفال البشر المعاصرين فهم يولدون بسرعة وقبل أن يكتمل نضجهم، ولهذا السبب وجوههم تبدو أنعم وأدق، وهذه النعومة تستمر في الكبر. لو قارنا وجوه البشر المعاصرين مع وجوه البشر القدماء فسيتبين أن وجوه البشر المعاصرين هي ذات ملامح ناعمة وطفولية (baby face). بعض الباحثين يشبهون وجوه البشر المعاصرين بوجوه أطفال القرود.

لون البشرة والشعر

لون بشرة البشر القدماء هو مسألة مجهولة لأن المستحاثات العظمية لا تعطي أية دلائل حولها، ولكن هناك دراسات جينية تشير إلى أن النياندرثال (أو بعضهم على الأقل) كانوا فاتحي البشرة:

http://www.sciencemag.org/content/318/5855/1453

The melanocortin 1 receptor (MC1R) regulates pigmentation in humans and other vertebrates. Variants of MC1R with reduced function are associated with pale skin color and red hair in humans of primarily European origin. We amplified and sequenced a fragment of the MC1R gene (mc1r) from two Neanderthal remains. Both specimens have a mutation that was not found in ∼3700 modern humans analyzed. Functional analyses show that this variant reduces MC1R activity to a level that alters hair and/or skin pigmentation in humans. The impaired activity of this variant suggests that Neanderthals varied in pigmentation levels, potentially on the scale observed in modern humans. Our data suggest that inactive MC1R variants evolved independently in both modern humans and Neanderthals.

هذه الدراسة فحصت DNA لاثنين من النياندرثال وتمكنت من إجياد طفرة على الجين MC1R المسؤول عن صبغ البشرة والشعر. التحليل الوظيفي للطفرة يبين أنها تنقص فعالية الجين على نحو من شأنه تغيير لون الشعر و/أو البشرة. نقص فعالية الجين MC1R لدى الأوروبيين المعاصرين يؤدي إلى تفتيح لون البشرة وإعطاء لون أحمر للشعر، وبالتالي هذان الشخصان النياندرثاليان ربما كانا فاتحي البشرة و/أو ذوي شعر أحمر. الدراسة قارنت الطفرة الموجودة على الجين MC1R لدى هذين الشخصين النياندرثاليين مع حوالي 3700 شخصا من البشر المعاصرين ولم تجد نفس الطفرة لديهم، ما يعني أن البشرة الفاتحة والشعر الأحمر الموجودان لدى بعض الأوربيين المعاصرين هما ليسا موروثين من النياندرثال.

الباحثون يعتقدون أن لون البشرة الفاتح هو مناسب للمناخ غير المشمس. مناخ أوروبا في العصر الجليدي كان غير مشمس على ما أظن، وبالتالي لون البشرة الفاتح كان سيفيد النياندرثال.

سبب اللون الغامق للجلد والشعر والعينين هو وجود صبغة تسمى melanin (من اليونانية mélas μέλας “داكن” أو “أسود”). وجود هذه الصبغة بكميات كبيرة في الجلد والشعر والعينين يؤدي لتغميق لون الجلد والشعر والعينين. هذه الصبغة تمتص ضوء الشمس وتمنعه من اختراق الجلد. تكوين العظام البشرية يحتاج للفيتامين D الذي يتم تركيبه في خلايا الجلد، وتركيب هذا الفيتامين يحتاج للأشعة فوق البنفسجية الموجودة في ضوء الشمس. وجود صبغة melanin في الجلد يعيق هذه العملية في حال كان الإشعاع الشمسي ضعيفا، وبالتالي نقص هذه الصبغة في الجلد يساعد على تركيب الفيتامين D في المناخ غير المشمس، وهذا مفيد خاصة في المناطق البعيدة عن البحار والتي لا يتمكن سكانها من الحصول على الفيتامين D من المأكولات البحرية.

هذه النظرية هي التي يفسر على أساسها كثير من الباحثين ظهور لون البشرة الفاتح لدى البشر.

في هذا المقال تحدثت عن الخصائص التشريحية أو الشكلية لإنسان نياندرثال. في المقال القادم سأتحدث عن ثقافته.

الجزء التالي

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s