الجينات والهجرات البشرية… معنى haplogroups

في الموضوع الأخير عن التصنيف المورفولوجي لللغات أشرت إلى موضوع العلامات الجينية التي تستخدم لتتبع الهجرات البشرية.

بما أنني أنوي الحديث مستقبلا عن مواضيع تتعلق بالهجرات البشرية فسوف أكتب الآن تعريفا سريعا بماهية العلامات الجينية التي أشرت إليها.

طبعا الإنسان ينشأ في الأساس من خلية cell تسمى البويضة المخصبة fertilized egg (تسمى أيضا zygote). هذه البويضة تحوي 23 زوجا من الكروموسومات chromosomes. الكروموسومات هي مكونة من DNA وRNA وبروتين. الـ DNA هو مكون من نيوكليوتيدات nucleotides. خريطة النيوكليوتيدات المكونة للـ DNA تختلف من إنسان لآخر ومن كائن حي لآخر، أي أنها تشبه بصمة الإصبع مميزة لكل إنسان ولكل كائن حي. خريطة النيوكليوتيدات تسمى الجينوم genome. كل كائن حي له جينوم يختلف عن الكائنات الأخرى، وهذا هو سر الاختلاف بين الكائنات الحية.

الجينوم يحوي أقساما تسمى جينات genes وأقساما أخرى تسمى noncoding DNA. الجينات تمثل 2% فقط من الجينوم البشري. عدد الجينات البشرية هو تقريبا 20 ألف. الجينات هي التي تصنع الاختلافات الظاهرة بين البشر.

الجينوم كما قلنا هو عبارة عن تسلسل أو خريطة للنيوكليوتيدات. الجينوم يختلف من إنسان لآخر بسبب اختلاف النيوكليوتيدات الموجودة في مواقع معينة من الجينوم. عندما يكون هناك اختلاف بين شخصين في النيوكليوتيد أو النيوكليوتيدات الموجودة في موقع معين من الجينوم يقال أن هذين الشخصين يمتلكان أليلين alleles مختلفين عند ذلك الموقع. الأليل إذن هو تسلسل من النيوكليوتيدات قابل للاختلاف بين شخص وآخر.

recombination

كما قلنا فإن الإنسان ينشأ من البيضة المخصبة التي تحوي 23 زوجا من الكروموسومات (أي 46 كروموسوم). نصف هذه الكروموسومات مصدره الأم، والنصف الآخر مصدره الأب.

لكي يتكون الإنسان لا بد للبيضة المخصبة أن تنقسم وتتكاثر، وبعد ذلك يجب على الخلايا الناتجة أن تنقسم وتتكاثر باستمرار لكي يستمر الإنسان في الحياة. الانقسام الخلوي يؤدي إلى ظاهرة تسمى recombination. معنى هذه الظاهرة باختصار هو ان الكروموسومات الأبوية (الكروموسومات الموروثة من الأب) تمتزج مع الكروموسومات الأموية (الكروموسومات الموروثة من الأم).

هذا الرسم من ويكيبيديا يوضح باختصار بعض الآليات التي يحصل بها الامتزاج:

على الرسم يظهر كروموسومان، واحد أموي باللون الأحمر وآخر أبوي باللون الأزرق. بعد الانقسام أصبح هناك أربعة كروموسومات، ولكن الألوان تدل على أن هناك اختلاطا قد حصل بين مكونات الكروموسومات الأبوية والأموية.

هذه الظاهرة تعني أن الكروموسومات الموروثة من الأم والأب لا تبقى على حالها. كل انقسام خلوي يؤدي إلى اختلاط وامتزاج في الجينات. لهذا السبب أشكال وخصائص البشر هي متنوعة جدا. لولا هذه الظاهرة لما كان هناك تنوع كبير في مظاهر البشر وخصائصهم.

ظاهرة الـ recombination تحصل في كل أزواج الكرموسومات ما عدا زوج واحد هو الزوج الذي يسمى “كروموسومات الجنس” (الذي يتألف من الكروموسوم الأموي X والكروموسوم الأبوي Y). هذا الزوج هو الذي يحدد الفرق بين الذكر والأنثى. لو كان هناك امتزاج في هذا الزوج لكان جميع البشر من المخنثين (الجنس المخنث هو خليط من الذكر والأنثى). لو كان جميع البشر مخنثين لما كان هناك تزاوج بين الذكور والإناث ولانهار كل نظام التناسل القائم على مبدأ الجنسين (الذي يسمى “التكاثر الجنسي” sexual reproduction تمييزا له عن التكاثر اللاجنسي asexual reproduction الذي يوجد عند بعض الكائنات التي لا يوجد فيها تمييز بين الذكور والإناث).

طبعا الجينات المسؤولة عن تحديد الفرق بين الذكر والأنثى هي قليلة وليست كثيرة (بضعة جينات)، وكل كروموسوم من كروموسومات الجنس يتسع لأكثر من ألف جين، بالتالي من الممكن نظريا أن يحدث الـ recombination في مناطق بعيدة عن المناطق التي توجد عليها الجينات المهمة. لماذا لا يحدث ذلك؟ الجواب هو أن “الانتخاب الطبيعي” قام بتجميع الجينات المفيدة للذكور على الكروموسوم Y حتى لو لم تكن هذه الجينات مرتبطة بالفرق الأساسي بين الذكر والأنثى (الذي يتعلق بالأعضاء الجنسية والهرمونات). بعض الجينات ربما لا تحول الأنثى إلى ذكر ولكنها رغم ذلك تفيد الذكر ولا تفيد الأنثى، والعكس صحيح.

الذكر يملك في كل خلية من خلاياه كروموسوما من النوع Y وآخر من النوع X. الكروموسوم Y هو دائما موروث من الأب (لأن الأم لا تملكه)، وبالتالي الكروموسوم X هو دائما موروث من الأم. طالما أن الامتزاج بين هذين الكروموسومين ممنوع فهذا يعني أن التسلسل النيوكليوتيدي الموجود على الكروموسوم Y لدى الابن هو نفس التسلسل الموجود لدى أبيه دونما تغيير.

الأنثى تملك كروموسومين اثنين من النوع X، واحد موروث من الأم وآخر من الأب. لا يوجد طريقة يمكن من خلالها التمييز بين الكروموسوم X الموروث من الأم و الكروموسوم X الموروث من الأب (إلا طبعا لو أجرينا تحليلا لكروموسومات الأب والأم وقارنا الكروموسومات الجنسية لديهما بكروموسومات الابنة).

الطفرات mutations

كل الكائنات الحية الموجودة حاليا هي متحدرة من أصل واحد. الباحثون يعتقدون أن هذا الأصل المشترك “عاش” قبل 3.5 مليار عام تقريبا.

طالما أن كل الكائنات الحية لها أصل واحد فكيف إذن ظهرت الاختلافات بين الكائنات؟

الجواب هو الطفرات mutations. الطفرات هي عبارة عن تغيرات عشوائية تصيب النيوكليوتيدات أثناء عملية الانقسام الخلوي. تراكم الطفرات عبر الزمن (عبر ملايين السنين) أدى إلى الاختلافات الهائلة المشاهدة بين الكائنات الحية.

إحدى الأمور الهامة التي تحسب لتشارلز داروين (الذي عاش في القرن 19) هي أنه تنبأ بأن عملية التطور evolution تتم وفق تغيرات عشوائية تصيب الكائنات الحية، وبعد حوالي 100 سنة تبين بالفعل أن الطفرات هي عشوائية.

الطبيعة وظروف النوع الحي هي التي تقرر ما إذا كان الطفرات التي أصابته هي مفيدة أم غير مفيدة (وهذا هو ما يسمى بالانتخاب الطبيعي natural selection). داروين أخطأ في نقطة وهي أنه ركز كثيرا على فكرة “صراع البقاء” واعتبر أن هذه القضية هي العامل الأساسي الذي يقرر ما إذا كانت الطفرات مفيدة أم غير مفيدة، ولكن لاحقا تبين للباحثين أن المناخ وظروف البيئة هي أهم بكثير من صراع البقاء. التطور يهدف في الأساس لجعل الكائنات الحية تتلائم مع المناخ والبيئة، وليس لجعلها أقوى من غيرها.

الطفرات هي متنوعة من حيث التأثير. بعض الطفرات تصيب الجينات، وهذه قد تؤدي إلى تغيرات مهمة في وظائف الجسم (في كثير من الأحيان تؤدي إلى الأمراض الوراثية والوفاة). هناك طفرات أخرى تصيب المناطق التي لا تحوي جينات (التي تسمى noncoding DNA). هذه الطفرات لا تترك في الأغلب أي تأثير ملحوظ على عمل الجسم.

الطفرات بدأت منذ بدأ تكاثر الكائنات الحية، أي أنها بدأت قبل مليارات السنين، ولكنها طبعا لم تظهر جميعها في نفس الوقت. هناك في الجينوم البشري طفرات قديمة جدا تعود إلى ما قبل ظهور الجنس البشري، وهناك طفرات أخرى أحدث.

الباحثون يستفيدون الآن من الطفرات الحديثة لدراسة أصول البشر وهجراتهم.

إحدى فوائد الطفرات الحديثة هي أنها تساعد في تحديد الأبوة والنسب.

لو فرضنا أن شخصا ظهرت لديه طفرة ما فهناك احتمالان، إما أن هذه الطفرة ستقضي عليه وتقطع نسله (إن كانت مؤذية)، أو أنها ستنتقل إلى أبنائه (إن كانت غير مؤذية). لو تتبعنا هذه الطفرة فيمكننا أن نعرف من هم أبناؤه.

الطفرات التي تستخدم في تحديد الأبوة هي عادة الطفرات التي توجد في أماكن غير مؤثرة من الجينوم (في noncoding DNA). الباحثون يبحثون عن مناطق في الجينوم تسمى short tandem repeats (اختصارا STRs). هذه المناطق هي عبارة عن تسلسل من النيوكليوتيدات (أليل allele) قد يصل طوله إلى مئات النيوكليوتيدات. اختصاصيو الجينات يدرسون عددا من هذه المناطق ويقارنونها بين شخصين أو عدة أشخاص. لو كانت نفس الألائل (جمع أليل) موجودة لدى جميع هؤلاء الأشخاص فهذا يعني أنهم أقرباء (يتحدرون من أصل واحد).

الطفرات التي توجد في STRs تصلح لتحديد الأبوة لأنها تظهر بسرعة نسبية مقارنة بأنواع أخرى من الطفرات، ولكن لو أردنا دراسة تاريخ البشر منذ عشرات آلاف السنين فاستخدام مثل هذا النوع من العلامات هو أمر غير عملي.

الباحثون يدرسون أنواعا أخرى من الطفرات لدراسة الأصول القديمة للبشر. هم في الغالب يدرسون طفرات من نوع يسمى singlenucleotide polymorphism (اختصارا SNP). هذا النوع من الطفرات هو عبارة عن تغير في نيوكليوتيد واحد فقط (ضمن منطقة من الجينوم لا تضم أي جين). هذا النوع من الطفرات هو أبطأ حدوثا من النوع السابق. الباحثون لا يدرسون طفرة واحدة فقط ولكنهم يدرسون مجموعة من الطفرات. إذا كانت نفس الألائل موجودة لدى عدد من الأشخاص فهذا يعني أنهم يتحدرون من أصل واحد.

الدراسات الجينية

أول من استخدم الدراسات الجينية لتحديد أصول البشر هو ربما الباحث الشهير CavalliSforza الذي اعتمد على دراسة زمر الدم. زمر الدم تحددها جينات موجودة على الكروموسومات الجسمية autosomal DNA (الكروموسومات الجسمية هي كل الكروموسومات ما عدا الكروموسومات الجنسية). مشكلة الكروموسومات الجسمية هي أنها تتعرض لـ recombination، أي أنها قابلة للامتزاج.

لاحقا ظهرت دراسات أفضل تعتمد على دراسة الكروموسوم الميتوكوندري mitochondrial DNA. هذا الكروموسوم يوجد داخل الميتوكوندريا التي هي إحدى مكونات الخلية. هذا الكروموسوم يورث من الأم حصرا، وهو لا يمتزج مع كروموسومات الأب. بالتالي دراسة الطفرات الموجودة على هذا الكروموسوم تساعد في تحديد النسب الأموي maternal lineage.

في ثمانينات القرن العشرين تمكن الباحثون من تحديد مجموعة من الطفرات على الكروموسوم الميتوكوندري يتشارك فيها جميع البشر الموجودين في العالم حاليا. هذا يعني أن هذه الطفرات هي موروثة من امرأة واحدة هي أم لجميع البشر الحاليين. الباحثون قدروا عمر هذه المجموعة من الطفرات بحوالي 170,000 عام، أي أن الأم المشتركة لجميع البشر عاشت قبل 170,000 عام تقريبا (هذا الرقم تقريبي جدا لأنه مبني على افتراضات نظرية حول معدل حدوث الطفرات).

لاحقا (ربما في تسعينات القرن العشرين) بدأت دراسة الطفرات على الكروموسوم Y. هذا الكروموسوم يورث من الأب فقط وهو لا يتعرض للامتزاج. الباحثون تمكنوا من تحديد مجموعة من الطفرات على هذا الكروموسوم يشترك فيها جميع الذكور الموجودين في العالم حاليا، ما يعني أنها موروثة من أب مشترك لجميع البشر. في السنوات الماضية كان يقال أن هذا الأب عاش قبل 140,000 عام تقريبا، ولكن مؤخرا تم الإعلان عن اكتشاف طفرات جديدة تدل على أن هذا الأب عاش في زمن أقدم من ذلك.

الأرقام التي يعلن عنها في الدراسات الجينية هي ليست بذات قيمة كبيرة لأن الطريقة التي تُحتسَب بها هذه الأرقام هي تخمينية وتقريبية جدا. من يريد أن يعرف تاريخ ظهور البشر فالأفضل له أن يقرأ في علم الآثار والمستحاثات (أقدم مستحاثة fossil يعتبر كثير من الباحثين أنها تعود للإنسان الحديث عثر عليها قرب نهر أومو في جنوب غرب أثيوبيا، وهي تعود إلى ما قبل 195,00 ألف سنة من الآن).

بعض الباحثين يطلقون مسمى “آدم الكروموسوم YYchromosomal Adam على الأب المشترك لجميع البشر المعاصرين، ومسمى “حواء الميتوكوندرية” Mitochondrial Eve على الأم المشتركة لجميع البشر المعاصرين. في القرن العشرين كان هناك صراع كبير في علم الأنثروبولوجيا بين من يعتقدون بوجود أصل أفريقي حديث لجميع البشر المعاصرين recent African origin of modern humans وبين من يعتقدون بنظرية الأصل المتعدد للبشر المعاصرين multiregional hypothesis. عندما قالت الدراسات الجينية أن “آدم” عاش قبل 140,000 عام احتفل الإعلام بذلك لأنه يدعم وجهة نظر الفريق الأول (وجهة نظر الفريق الثاني هي مكروهة إعلاميا لأنها تعتبر عنصرية).

معنى haplogroup

كلمة haplotype تعني “نوع فردي” (بمعنى “نوع فريد”). المقصود بـ haplotype هو مجموعة من الألائل (أي الطفرات) التي توجد على قطعة من الـ DNA لا تتعرض لـ recombination، أي أن هذه الألائل تنتقل سوية من الأب إلى الابن ولا تتعرض للامتزاج مع ألائل مصدرها الأم. بما أن الكروموسوم Y لا يتعرض لـ recombination من الأساس (إلا جزءا صغيرا منه لا يزيد عن 5%) فهذا يعني أن أية مجموعة من الألائل على هذا الكروموسوم هي haplotype.

كلمة haplogroup تعني “مجموعة فردية” (بمعنى “مجموعة فريدة”). المقصود بكلمة haplogroup هو مجموعة من الـ haplotypes التي تتشابه فيما بينها بسبب رجوعها إلى أصل مشترك. كلمة haplogroup هي مفهوم ذو طابع تصنيفي. لنفرض أن شخصا كان لديه haplotype معين وأنه قام بتوريث هذا الـ haplotype لأبنائه، وأبناؤه ورثوه لأبنائهم، وهكذا. مع مرور الزمن سوف تنشأ بعض التغيرات الطفيفة في هذا الـ haplotype. مثلا من الممكن إن فحصنا أحد أحفاد هذا الرجل أن نجد أن أحد الألائل المكونة للـ haplotype قد تغير لديه. طالما أن التغير طفيف فهو لن يمنعنا من معرفة علاقة النسب التي تربط بين هذا الرجل وبين بقية أقاربه. مفهوم الـ haplogroup يغطي التغيرات الطفيفة التي قد تنشأ في haplotype معين. الباحثون يقومون بتصنيف الـ haplotypes المتشابهة (ذات الأصل المشترك) ضمن مجموعات كبيرة ويطلقون على هذه المجموعات مسمى haplogroups. الهدف من ذلك هو تسهيل دراسة تاريخ البشر.

مفهوم الـ haplogroup يشبه مفهوم العائلة اللغوية language family في علم اللغويات. باحثو اللغات يصنفون اللغات المتشابهة ضمن “عائلات”، والهدف هو تسهيل دراسة لغات العالم. نفس الأمر يقوم به باحثو الجينات حيث أنهم يصنفون الـ haplotypes المتشابهة ضمن مجموعات كبيرة يطلقون عليها مسمى haplogroups، والهدف هو تسهيل دراسة أصول البشر.

ما يقوم به الباحثون هو أنهم يأخذون عينة من خلايا شخص (مثلا من بطانة الفم) ويستخلصون منها DNA، ثم يقومون بتكثير الـ DNA بطريقة تسمى polymerase chain reaction (اختصارا PCR). بعد ذلك يقومون بإجراء مجموعة من التحاليل أو الاختبارات للبحث عن الطفرات في مواقع محددة على الكروموسوم Y (أو الكروموسوم الميتوكوندري). بناء على الطفرات التي يجدونها فإنهم يقومون بتحديد الـ haplotype الذي يحمله الشخص، وبعد ذلك يقومون بتصنيف الـ haplotype ضمن haplogroup معين (وفي حال لم يتمكنوا من تصنيفه فإنهم ربما يعلنون عن haplogroup جديد، وهذا كثيرا ما يحصل في مثل هذه الدراسات).

تسمية المجموعات الجينية

الباحثون يسمون الـ haplogroups بأحرف الهجاء. مثلا Haplogroup A و Haplogroup B إلخ.

مثلما أن العائلات اللغوية تتفرع فإن الـ haplogroups تتفرع أيضا. الرابط التالي من ويكيبيديا يبين شجرة المجموعات الجينية:

http://en.wikipedia.org/wiki/Template:YDNA

هذه الشجرة بحاجة لتحديث. وفقا لهذه الشجرة فإن آدم أنجب عائلتين من العلامات الجينية، العائلة الأولى تسمى Haplogroup A1 (هذه العائلة هي التي يتحدر منها كل البشر المعاصرين تقريبا)، والعائلة الثانية تسمى Haplogroup A0 (هذه العائلة ينتمي لها بعض الأشخاص في غرب أفريقيا). في الآونة الأخيرة أُعلِن عن عائلتين جديدتين أقدم من هاتين العائلتين، الأولى سميت Haplogroup A0T (هذه العائلة تضم العائلتين سابقتي الذكر) والثانية سميت Haplogroup A00 (تضم بعض الأشخاص في غرب أفريقيا).

معظم الفروع الباكرة للشجرة الجينية تنحصر في أفريقيا. هذا ليس مفاجئا لأن علماء الأنثروبولوجيا كانوا يقولون منذ زمن بعيد أن البشر ظهروا في أفريقيا، ولكن العجيب هو أن الفروع التي يعلن عنها توجد في غرب أفريقيا وليس في شرقها. منطقة غرب أفريقيا هي منطقة غير مدروسة جيدا من الناحية الأثرية ولكن الباحثين تقليديا كانوا يقولون أن البشر المعاصرين وصلوا إلى هذه المنطقة في زمن متأخر (بعضهم قالوا أن البشر المعاصرين وصلوا إلى الصين قبل أن يصلوا إلى غرب أفريقيا). نتائج الدراسات الجينية توحي بأن آدم عاش في غرب أفريقيا وليس في شرقها. هذا يتعارض تماما مع المفاهيم التقليدية. في الحقيقة هناك أمور عديدة غامضة في نتائج الدراسات الجينية. أحد الأسباب هو أن هذه الدراسات ما تزال حديثة العهد، وهي في الغالب تتم على أعداد قليلة من البشر. لهذا السبب النتائج تكون في بعض الأحيان غير دقيقة أو مضللة. كثير من الأمور التي أعلنت عنها الدراسات في السابق تبين لاحقا أنها خاطئة.

مثلا العائلة التي تسمى Haplogroup R1b (والتي هي إحدى أهم العائلات في العالم) قيل في البداية أنها تعبر عن سكان غرب أوروبا في العصر الجليدي. حاليا الدراسات صارت تقول أن أصل هذه العائلة يعود إلى وسط آسيا أو غربها وأنها دخلت إلى غرب أوروبا في عصر البرونز، أي أن الكلام انقلب رأسا على عقب.

مثل هذه الأمور تحدث كثيرا، وما يفاقم المشاكل أكثر هو أن بعض الناس يسيئون فهم موضوع العلامات الجينية ويحاولون أن يربطوا العلامات بلغات أو أعراق أو شعوب معينة. موضوع العلامات الجينية تحول لدى بعض الناس إلى مجال جديد للتخريف والشعوذة.

تسميات العائلات الجينية تتغير باستمرار مع ظهور اكتشافات جديدة. مثلا العائلة المسماة Haplogroup T كانت تسمى قبل بضعة سنوات باسم Haplogroup K2. لهذا السبب المفروض هو أن يتم ذكر اسم طفرة مميزة للعائلة لتفادي اللبس. مثلا اسم العائلة Haplogroup T يجب أن يكتب هكذا Haplogroup TM184 (بإضافة اسم الطفرة M184).

الباحثون يسمون فروع العائلات بأرقام. مثلا العائلة Haplogroup R لها فرعان، الأول هو Haplogroup R1 والثاني هو Haplogroup R2. إذا كان اسم العائلة ينتهي برقم فإن أسماء الفروع تكون بأحرف صغيرة، مثلا العائلة Haplogroup R1 لها فرعان، الأول هو Haplogroup R1a والثاني هو Haplogroup R1b. العائلة Haplogroup R1a تتفرع إلى Haplogroup R1a1 و Haplogroup R1a2 إلخ.

أحدث التسميات والطفرات هي موجودة على هذا الموقع:

http://www.isogg.org/tree/index.html

رأي واحد حول “الجينات والهجرات البشرية… معنى haplogroups

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

صورة تويتر

أنت تعلق بإستخدام حساب Twitter. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s