في اللغة الإنغليزية هناك اسما إشارة (قريب وبعيد) وكل منهما يتصرف للإفراد والجمع (ما بين القوسين هو اللفظ):
مفرد | جمع | |
قريب | this [ðis] | these [ðīz] |
بعيد | that [ðāt] | those [ðōz] |
الرمز [ð] (يسمى “إذ” edh) يعني صوت الذال، والرمز [θ] (ثيتا theta) يعني صوت الثاء.
في اللغة العربية الوضع أعقد حيث أن هناك ثلاثة أسماء إشارة على الأقل، وكل اسم من هذه الأسماء يأخذ أشكالا عديدة حسب تصرفه وحسب أحرف الزيادة التي يقبلها. أسماء الإشارة الأساسية في العربية هي ما يلي:
- ذا [ðā]
هذا الاسم يتصرف للإفراد والتثنية فقط (وليس الجمع)، ويتصرف للتذكير والتأنيث في المفرد فقط، ويتصرف للإعراب في المثنى فقط:
مذكر | مؤنث | |
مفرد | ذا [ðā] | ذي [ðī] |
مثنى |
ذان [ðāni] (مرفوع) ذين [ðayni] (منصوب/مجرور) |
— |
- تا [tā]
هذا الاسم هو مؤنث دائما، ويتصرف للإفراد والتثنية فقط، ويتصرف للإعراب في المثنى فقط:
مفرد |
تا [tā] تي [tī] |
مثنى |
تان [tāni] (مرفوع) تين [tayni] (منصوب/مجرور) |
- أولى [ʔulā]
هذا الاسم هو مجموع دائما ولا يتصرف أبدا، ولكنه يأخذ حرفا زائدا هو الهمزة المكسورة: أولاء [ʔulā-ʔi].
هذه الأسماء الثلاثة (ذا وتا وأولى) هي أسماء الإشارة الأساسية في اللغة العربية واللغات السامية عموما. كثير من المستشرقين يرون أن أسماء الإشارة السامية الأصلية هي ذا (للمفرد) وأولى (للجمع)، وأما تا فهم يرون أن أصله من تاء التأنيث.
طبعا أسماء الإشارة في اللغة العربية واللغات السامية تأخذ عددا من الأحرف الزائدة (affixes). أهم هذه الأحرف هي الهاء التي تأتي في بداية أسماء الإشارة (.hā-ðā, hā-ʔulā-ʔi, etc)، والكاف التي تأتي في نهايتها (.ðā-ka, ʔulā-ʔi-ka, etc)، وهناك حرف نادر هو “لام البعد” التي تظهر في “ذلك” [ðā-li-ka] وفي “تلك” [ti-l-ka] (أصله ربما هو ti-li-ka*).
في اللغات العربية العامية هناك تصريف مجموع لاسم الإشارة “ذا” هو “ذول” (يلفظ في مصر دول [dōl])، ومع الهاء الزائدة “هذول” (يلفظ في سورية هدول [ha-dōl] أو هيدول [hay-dōl]). بعض المستشرقين يرون أن “ذول” نشأ بإضافة واو الجمع ولام البعد إلى ðā، ولكن أنا لي رأي آخر وهو أن “ذول” هي مركبة من ذا وأولى:
ðā-ʔulā > *ðawlā > ðōl
هذا التفسير لأصل “ذول” هو منطقي جدا ويتناسب مع كيفية نطق “ذول” في اللهجات العامية حيث أنها تنطق بلام مفتوحة (مثلا في مصر [dōla])، وأيضا في بعض اللهجات البدوية هذه الكلمة تنطق بياء ممدودة في آخرها هي أصلا ألف ممالة [ðōlā] > [ðōlī]*، وفي سورية أيضا هذه الكلمة تنطق بصوت [e] في آخرها هو بقية من الألف الممالة [ha-dōle]. كل ما سبق يدل على أن اللفظ الأصلي لكلمة “ذول” هو “ذولى” بالألف في آخرها، وهي أصلا مركبة من “ذا” و”أولى” ولا علاقة لها بواو الجمع كما قال بعض المستشرقين، أي أنها في الحقيقة ليست تصريفا مجموعا لاسم الإشارة ذا.
استخدام “أولى” لوحدها للإشارة للجمع ودون المقطع “ذا” هو أمر موجود في بعض نواحي سورية. مثلا في بعض المناطق الجبلية في محافظة إدلب هناك اسم إشارة للجمع هو “هول” (يلفظ [hawl] أو [haw] بإسقاط اللام)، ونفس هذه الكلمة سمعتها من أشخاص من جنوب لبنان ولكنهم كانوا ينطقونها [hōl]. هذه الكلمة هي على الأغلب مجرد تحريف لاسم الإشارة الفصيح “هأولى” [hā-ʔulā] المركب من “أولى” ومن الهاء الزائدة في بدايته، ومن الممكن أنه كان أصلا “هؤلاء” مع الهمزة الزائدة في نهايته ولكن الهمزة سقطت.
مما سبق نستنتج أن اسم الإشارة المجموع في سورية له شكلان أصليان:
- هأولى [hā-ʔulā] أو هؤلاء [hā-ʔulā-ʔi]. هذا الشكل تحول إلى hawl أو haw أو hōl أو hō.
- هذا أولى [hā-ðā-ʔulā] أو هذا أولاء [hā-ðā-ʔulā-ʔi]. هذا الشكل تحول إلى hadōl أو haydōl.
الشكل الأول موجود حاليا في مناطق جبلية منعزلة في إدلب ولبنان، وأما الشكل الثاني فهو الغالب في عموم المناطق السورية. الشكل الثاني موجود أيضا عند البدو وفي عموم اللهجات العربية. هذا التوزع يدل على أن الشكل الأول (دون “ذا”) هو الأقدم في سورية، وأما الشكل الثاني (الذي يحوي “ذا”) فهو دخل إلى سورية في زمن لاحق (ربما في زمن الفتوحات الإسلامية بدليل انتشاره في كل اللهجات العربية). الشكل الأول طبعا هو الأقدم من الناحية التاريخية اللغوية أما الشكل الثاني فهو بدعة نشأت بالقياس على أسماء الإشارة المفردة. على ما يبدو فإن البدو قديما أقحموا المقطع “ذا” في اسم الإشارة المجموع لكي يجعلوه مناظرا للاسم المفرد. هذه الظاهرة تسمى في علم اللغويات “التسوية المورفولوجية” morphological leveling وهي تعبر عن غريزة طبيعية موجودة لدى البشر لجعل اللغة أكثر اتساقا مع بعضها.
هناك اسم إشارة مجموع ثالث في سورية هو haw-de. هذه الكلمة سمعتها لدى أشخاص من منطقة حارم في إدلب. لا أدري ما هو أصلها ولم أقرأ رأيا للمستشرقين فيها، ولا أعلم الفرق في الاستخدام بينها وبين hawl. مبدئيا يمكنني أن أفترض أن haw-de هي مجرد بدعة متأخرة نشأت بإضافة المقطع de إلى haw التي يعود أصلها إلى hawl، وسبب إضافة de هو التسوية مع أسماء الإشارة المفردة. هذا التفسير حاليا يبدو لي أبسط تفسير.