متى سيقصف الأميركان داعش في سورية؟

الأميركان قصفوا داعش في المناطق الكردية في شمال العراق، وهم يقولون أنهم مستعدون لقصفها في بقية مناطق العراق فور تشكيل حكومة وحدة وطنية.

هم لا يريدون أن يدعموا المالكي وإيران في حربهما الطائفية ضد العرب السنة. لهذا السبب هم ينتظرون من المالكي التخلي عن السلطة وينتظرون من إيران تغيير موقفها العدائي تجاه العرب السنة قبل أن يشرعوا في قصف داعش بعيدا عن المناطق الكردية.

ماذا عن داعش في سورية؟ هل سيقصفها الأميركان أيضا؟

موقف الأميركان من داعش في سورية هو على الأغلب نفس موقفهم منها في العراق.

هم يريدون من حيث المبدأ أن يقصفوا داعش في سورية، ولكنهم لا يريدون أن يفعلوا هذا الآن، لأنهم لو فعلوه الآن فهو سيبدو كدعم لبشار الأسد.

بشار الأسد أقنع مؤيديه (وكثيرا من معارضيه أيضا) بأن الأميركان هم حلفاؤه، رغم أن الأميركان لم يقدموا أي دعم مباشر له، فما بالكم لو تدخلت الطائرات الأميركية لقصف داعش داخل حدود الكيان السوري؟ بشار الأسد سوف يستغل ذلك وسوف يشن حملة دعائية غير مسبوقة لكي يقنع الناس بأن الأميركان هم معه وأنهم يدعمونه في حربه المزعومة ضد الإرهاب.

الأميركان لن يعطوا بشار الأسد هذه الفرصة لتضليل الناس. هم لن يقصفوا داعش داخل حدود الكيان السوري طالما أنه سيستغل ذلك لمصلحة بقائه على كرسي السلطة.

قد يقول قائل: أين هو موقع المعارضة السورية من الإعراب؟ ألا يخشى الأميركان من هزيمة المعارضة السورية أمام داعش و/أو بشار الأسد؟

أوباما قال أن المعارضة السورية لم تكن تملك قدرة جدية على هزيمة داعش وبشار الأسد حتى ولو تم تزويدها بالسلاح الأميركي.

هو أيضا شكك في اعتدال وعلمانية هذه المعارضة.

الظروف التي تحدث عنها أوباما ما زالت قائمة حتى الآن. لو نظرنا إلى وضع المتمردين السوريين حاليا فسنجد أنهم ضعيفون ومشرذمون وغير علمانيون.

ولكن هذه الظروف تتغير وهي ليست ثابتة. خلال الأسابيع الأخيرة كانت هناك بوادر تآكل لسلطة بشار الأسد في المناطق البعيدة عن دمشق، وكانت هناك أيضا بوادر تحسن في واقع المتمردين.

المتمردون يحاولون أن يتكتلوا وأن يشكلوا جماعات أكثر تنظيما. هم أيضا يبتعدون تدريجيا عن جبهة النصرة المرتبطة بالقاعدة.

الأمور تتغير تدريجيا ضد مصلحة بشار الأسد. هذا أمر متوقع. بشار الأسد أدخل نفسه في حرب استنزاف عبثية لا يمكن له أن يربحها. هو أصلا لم يكن يراهن على ربح هذه الحرب. هو كان يراهن على صفقة سياسية تجعل الأميركان يدعمونه، ولكن هذه الصفقة لم تحدث ولن تحدث، وبالتالي بشار الأسد هو في حكم المنتهي. خروجه من المشهد هو مسألة وقت.

الأميركان ينتظرون أحد أمرين، إما أن يسقط بشار الأسد في دمشق، أو أن ينجح المتمردون المعتدلون في خلق بديل مقبول له في المناطق البعيدة عن دمشق. لو حدث أحد هذين الأمرين فإن الأميركان سيتدخلون عسكريا لقصف داعش ودعم المعتدلين.

قبل حدوث أحد هذين الأمرين لا توجد فائدة من التدخل، لأن التدخل لو حصل سيصب في مصلحة بشار الأسد و/أو داعش.

لو قام الأميركان بتسليح المتمردين وهم في واقعهم الحالي المشرذم فإن هذا سيخدم بشار الأسد وداعش. بشار الأسد سيقول أنه هزم المتمردين رغم تسليح أميركا لهم، وداعش ستقول نفس الأمر وستستولي على السلاح الأميركي الذي بحوزة المتمردين.

أضف تعليق